ما هو رأی الإسلام بخصوص مسألة التناسخ؟

الجواب الإجمالي

قبل عدة قرون ظهرت فی الهند نظریة بعنوان التناسخ حیث تتحدث هذه النظریة عن تکرر رجوع الأرواح الى الدنیا، و بمرور الزمن أصبحت هذه النظریة مورداً لإهتمام کثیر من الناس فی العالم لدرجةٍ ان البعض اتخذ هذه النظریة کعقیدة و مذهب له، خلال هذه الفترة الطویلة قام العلماء الکبار ببحث و دراسة هذه النظریة و إنتقادها و قد أقاموا عدة أدلة لبطلانها.


إن الإسلام و بشکل قاطع و صریح، رفض فکرة عودة الأرواح الى الدنیا فی أجساد أشخاص آخرین أو فی أجساد موجودات حیة أخرى للقیام بأعمال حسنة و الحصول على ظروف التعایش مع الأرواح. یقول القرآن الکریم فی هذا المجال: "حتى إذا جاءَ أحدهم الموتُ قال رَبِ أرجعون* لعلی أعمل صالحاً کلا إنها کلمة هو قائلها و من ورائهم برزخٌ الى یوم یبعثون".


یقول الإمام الرضا (ع): "من آمن بالتناسخ و إعتقد به فقد کفر بالله تعالى و لم یؤمن بوجود جنةٍ أو نار".


الجواب التفصيلي

إن روح الإنسان حسب اعتقاد مذاهب الأنبیاء الالهیین تنفصل عن جسده و تنتقل الى عالم البرزخ، و تستمر حیاته فی ذلک العالم، فإذا کان من الأخیار فإنه یستفید من أعماله الحسنة و یتنعم بها، أما إذا کان من الأشرار فإنه یجزى بالعذاب و العقوبات فیها لما إقترفه من أعماله السیئة فی الحیاة الدنیا، و تستمر هذه الحالة الى یوم القیامة.


بحسب تعالیم و معتقدات الأدیان و المذاهب السماویة، فإن الباری سبحانه قضى أن لا تعود روح الإنسان بعد موته الى الحیاة الدنیا و لا تبدأ حیاة جدیدة فیها، و لکن تبقى هذه الروح فی البرزخ الى أن تقوم الساعة، و تنتقل بعد ذلک الى منزلها و عالمها الأبدی فی الآخرة.


لکن قبل عدة قرون ظهرت فی الهند نظریة بإسم التناسخ تتحدث عن عودة الأرواح بشکل مکرر الى عالم الدنیا، و إن هذه النظریة و بمرور الزمان قد جلبت أنظار الکثیر من الناس إلیها، حیث تعاملوا معها على أساس إنها أمر حقیقی و واقعی حتى ان بعض الناس إتخذها مذهباً و عقیدةً له. و خلال هذه الفترة الطویلة من الزمان التی رُوّجت فیها هذه العقیدة تصدى الکثیر من العلماء الکبار لمواجهة هذه النظریة عن طریق دراستها و إنتقادها و إقامة الأدلة العدیدة لبطلانها.


إن أصحاب فکرة التناسخ یعتقدون إن هنالک فئتین من الأرواح لا تعود الى الحیاة الدنیا، الفئة الأولى هی التی أکملت شوط السعادة و وصلت الى کمالها النهائی و بعد موتهم ینالوا الکمال المطلق، و هؤلاء لا ینقصهم شیء لکی یعودوا الى الحیاة الدنیا و یکملوا ما کان ینقصهم فی الحیاة السابقة عن طریق العمل و المثابرة.


الفئة الثانیة هی التی وصلت الى أقصى حدود الشقاوة و الإنحطاط، و هؤلاء أیضاً لا یعودون الى الحیاة الدنیا حیث إن أفراد هذه الفئة وصلوا الى درجة من الإنحطاط و التسافل بحیث إن طریق السعادة و نتیجة لأعمالهم قد أوصدت أمامهم و آلوا الى السقوط الأبدی و لا یستطیعوا بعودتهم الى الحیاة الدنیا أن یعوضوا و یصلحوا ماضیهم المخزی و یصلوا الى السعادة و الکمال و لو بشکل محدود و نسبی.


ان التناسخ و الرجوع الى الحیاة الدنیا- حسب رأی أصحاب هذا النظریة - یخص فئة ثالثة، و هی المجموعة التی تتوسط بین الفئة السعیدة الأولى و الفئة الشقیة المتسافلة الثانیة، و هذه الفئة الوسط عندما یموتون ترجع أرواحهم مرةً أخرى الى الحیاة الدنیا بأشکال أخرى متنوعة تتناسب مع أخلاقهم و سجایاهم المختلفة، و على هذا الأساس فإنهم وضعوا لکل شکل من هذه الأشکال إسماَ معیناَ، حیث إنهم یعتقدون ان الروح إذا رجعت على شکل إنسان فیسموا ذلک بالـ "نسخ"، و إذا عادت بشکل الحیوان فیسموا  ذلک بالـ "مسخ" و إذا حلت الروح فی الجماد فیسموا ذلک بالـ "رسخ".


یعتقد الذین یؤمنون بالتناسخ إن عودة الأرواح الى الحیاة الدنیا فی بعض الموارد، هو لغرض تعویض النقائص و کذلک لغرض تکامل النفس و نیل المراتب الإنسانیة العلیا.


کذلک یقولون: إن أحد العلل و الأسباب لعودة الأرواح الى الحیاة الدنیا هو أن یتنعم الخیرون مرة أخرى نتیجةً لأخلاقهم الحمیدة و أعمالهم الصالحة، و یعاقب الأشرار و یروا نتیجة أخلاقهم السیئة و أعمالهم الشریرة، لأنه حسب رأی أصحاب هذا المعتقد، إنه کم من الأشخاص قد عاشوا حیاتهم بأخلاق و سجایا إنسانیة حمیدة و قضوا أعمارهم بالإستقامة و طهارة النفس لکنهم کانوا دوماً معرضین للحرمان، و کانوا یقضون مجمل حیاتهم بالفقر و الفاقة و تحمل الآلام و الأمراض، إن هذه الشریحة من الناس یتنعمون فی حیاتهم الجدیدة بالأخلاق الحمیدة نتیجة لأعمالهم و کذلک یکونون مرفهین و یتمتعون بالصحة و السلامة البدنیة. و کم من الأشخاص کانوا یتصفوا فی الحیاة السابقة بسوء الأخلاق و قبح التصرفات و کان الناس یعانون منهم، و فی نفس الوقت کانوا متنعمین و مترفین. فإن أرواح هذه الفئة و بشکل یتناسب مع أخلاقهم تتجسد فی صور حیوانات أو حشرات أو نباتات أو جمادات أو الى إناس ناقصین من الناحیة الخلقیة أو مرضى و منبوذین من المجتمع و على کل الأحوال یکونون معذبین من الناحیة الروحیة و الجسدیة.


لکن نرى ان الإسلام یرفض بشکل صریح و قاطع فکرة عودة الأرواح الى الحیاة الدنیا و حلولها فی جسد موجودات أخرى للقیام بأعمال جیدة و حسنة و التعایش مع بقیة الأرواح، حیث إن القرآن الکریم یتطرق إلى هذا الموضوع بقوله تعالى: "حتى إذا جاءَ أحدهم الموتُ قال رَبِ أرجعون* لعلی أعمل صالحاً کلا إنها کلمة هو قائلها و من ورائهم برزخٌ الى یوم یبعثون".[1]


و حسب رأی الذین یعتقدون بالتناسخ، فإن القیامة و الحساب، و الجنة و النار و خلاصة الثواب و العقاب فی عالم الآخرة، تفقد مکانتها الحقیقیة و لا تحضى  بأی أهمیة فی هذه الحالة، اضافة الى انهم یقولون إن أکثر البشر یرجعون الى الحیاة الدنیا بعد موتهم مباشرةً و فی کل مرة یثابون أو یعاقبون نتیجة أعمالهم و تصرفاتهم السابقة.


إن هذا الرأی مخالف و بشکل صریح مع التعالیم و العقائد التی جاء بها أنبیاء الله (ع) و کذلک مخالف لأصول دین الأسلام المقدس، و قد إعتبر أئمة الشیعة المعصومون (ع) و بشکل صریح هذا الرأی بأنه کفر.


سأل المأمون الإمام الرضا (ع) قائلاً: ماذا تقول بشأن الذین یعتقدون بالتناسخ؟ أجاب (ع) قائلاً: "کل من آمن بالتناسخ و إعتقد به، فقد کفر بالله تعالى و لم یؤمن بوجود جنة أو نار".[2]


یقول الإمام الصادق (ع) بخصوص الذین یعتقدون بالتناسخ: "... و زعموا أن السماء خاویة ما فیها شئ مما یوصف، و ان مدبر هذا العالم فی صورة المخلوقین، بحجة من روى أن الله عز وجَّل خلق آدم على صورته، و أنه لا جنة و لا نار، و لا بعث و لا نشور، و القیامة عندهم خروج الروح من قالبه و ولوجه فی قالب آخر، فإن کان محسنا ًفی القالب الأول أعید فی قالب أفضل منه حسناً فی أعلى درجة من الدنیا، و إن کان مسیئاً أو غیر عارف صار فی بعض الدواب المتعبة فی الدنیا، أو هوام مشوهة الخلقة...".[3]


یجب الالتفات إلى ان مسألة التناسخ لم تکن مخالفة لما جاء به الأنبیاء و الرسل و تؤدی الى الکفر بالخالق و إنکار المعاد و الثواب و العقاب فی الدار الآخرة فحسب، بل إستدل العلماء و الفلاسفة و أثبتوا علمیاً بطلان هذه النظریة.


یقول صدر المتألهین الشیرازی الفیلسوف المعروف: ان النفس فی المرحلة الأولى من التکوین، تکون درجتها فی الطبیعة و من ثم ترتقی بالتناسب مع حرکة المادة التکاملیة، لکی تتجاوز حدود النبات و الحیوان.


على هذا الأساس فإن النفس عندما تنتقل من مرحلة القوة الى مرحلة الفعل، فمهما کانت هذه المرحلة الفعلیة ضعیفة، فمن المحال أن ترجع الى حالة القوة المحضة و الإستعداد الصرف. علاوة على ذلک فإن الصورة و المادة هی شئ واحد لها جهتان من الفعل و القوة یطوون مع بعضهما مسیر الحرکة التکاملیة، و فی المقابل فإن کل إستعداد و کل قابلیة تنال و تحصل على فعلیة خاصة بها، و على هذا الأساس فإنه من المحال على الروح التی تجاوزت مراحل النبات و الحیوان أن ترجع و تختص بمادة المنی و الجنین.[4]


و المشکلة الأخرى لنظریة التناسخ، کیف یمکن الحکم على "ذا الإتحاد" بین الشخص فی الزمن الثانی و حسب إدعاء هذا الشخص و الموجود فی الزمن الاول ؟ کل واحد منا یطوی مراحل عدیدة فی طول حیاته و تکون فیها الخصوصیات و الأوضاع الروحیة و الجسدیة لکل مرحلة تختلف عن الأخرى، و لکن توجد حلقات کالخواطر و الذکریات تربط بین التطورات للمراحل المختلفة، و هذه الحلقات هی من الخواطر التی تؤید و تؤکد على صحة و وحدة الشخص. و لکن ما هو الدلیل فی نظریة التناسخ على الحکم بوحدة الروح و الشخص فی الزمنین الاول والثانی؟ إذا کان الملاک هو إستمرار الأفکار و الخواطر، فإن أکثریة الأشخاص - و حسب نظریة التناسخ إن أکثر الأشخاص یعودون الى الحیاة الدنیا- لا یتذکرون عن حیاتهم السابقة أی شئ، و إذا کان الملاک هو الإستمرار الجسمانی، فلا یوجد لهذا الفرض مصداق فی فرضیة التناسخ، لأنه و حسب إعتقاد هذه النظریة، فإن الشخص یکون فی حیاة معینة على شکل إمرأة و یکون رجلاً فی حیاة آخرى، و فی حیاة معینة یکون من النوع البشری و فی حیاة أخرى یکون من النوع الحیوانی. و إذا کان الملاک هو المیول و الأحوال النفسیة للشخص، فإنه فی هذه الحالة لا یمکن تفسیر ثنائیة الشخص ألف و الشخص ب الموجودین فی زمان واحد و لهم نفس المیول و الأحوال النفسیة.


بعبارة أخرى، تطرح المشکلة بهذا الشکل انه ما هو المقدار اللازم من التشابه فی الخصوصیات الروحیة و النفسیة للحکم بوحدة الفردین المفترضین؟ و لذلک فإن إستمرار الهویة الشخصیة فی زمنین مفترضین غیر ممکن.[5]


عوامل ظهور نظریة التناسخ


من المناسب هنا الإشارة الى بعض عوامل ظهور هذه النظریة:


ألف. العوامل الفکریة و الفلسفیة:


1. إنکار القیامة و العالم الآخر


إن البعض و بسبب عدم إعتقادهم بالعالم الآخر، حیث من المحتمل ان یتصور هذا البعض إن ذلک محال من جهة، و من جهة أخرى کأن یرون إن عدم جزاء المحسنین و المسیئین هو مخالف "للعدالة" الالهیة. لذلک فانهم إعتقدوا إن روح المحسنین تحل عند موتها مرة أخرى فی هذا العالم فی جسد آخر یکون أفضل بدرجات من البدن السابق و یتنعم بثواب أعماله الحسنة التی قام بها فی حیاته السابقة، و تحل الأرواح الشریرة فی أجساد و أبدان تعانی من المشاکل و الآلام، أو تحل فی أجساد غیر مکتملة الخلقة، و بذلک تجازى نتیجة لأعمالها السیئة السابقة، و فی الحقیقة فإنها تُطهّر بعد ذلک لکی تتکامل.


2. تبریر لفلسفة خلق الأطفال المرضى و المعوقین
ان البعض الأخر و نتیجة لمشاهدة بعض الأطفال المرضى و المعوقین کانوا یفکرون و یتساءلون بان هؤلاء الأطفال لم یرتکبوا ذنباً فلماذا إبتلاهم الله و خلقهم على هذه الشاکلة؟ فلهذا کانوا یقولون انه من المؤکد ان الأرواح الموجودة فی أجساد هؤلاء الأطفال، هی أرواح لأشخاص مذنبین و متجاوزین و أشرار قد حّلت أرواحهم بأجساد هؤلاء الأطفال و رجعوا مرة أخرى الى عالم الدنیا لکی یعذبوا و لیذوقوا وبال أمرهم!.

 

ب . العوامل النفسیة:


1. تعویض و تدارک الفشل و الخذلان الحاصل فی الحیاة


یبدو للعیان ان أحد الأسباب النفسیة لإعتناق هذه العقیدة، الفشل و الخذلان المستمر الذی کان یواجهه الکثیر من الأشخاص فی مراحل حیاتهم. و أن ردود الفعل النفسیة لهذا الفشل و الخذلان کانت تظهر بأشکال متنوعة، حیث کانت تظهر فی بعض الأحیان على شکل "المیل للذات" و "الإلتجاء الى الخیالات" و إیجاد ضالته فی عالم الخیال، لذلک نرى ان کثیراَ من الشعراء عندما لا یجدون محبوبهم فی هذا العالم یسلّون أنفسهم بنسج رسم وجه محبوهم فی عالم الخیال و الذی وقع فی وسط "الکأس"، و إن البعض الآخر یتخذ بالرجوع الى حیاة جدیدة فی هذه الدنیا وسیلة لتهدئة أفکاره المضطربة.


و هؤلاء الأشخاص "الفاشلون"، یتخیلون و یتصورون انهم سوف یعوضوا فشلهم و عدم نجاحهم فی هذه الحیاة عن طریق حلول أرواحهم بأجساد أخرى و بذلک سوف یحققوا آمالهم و أمانیهم فی هذه الحیاة الجدیدة.


2. تبریز العنف


و من العوامل النفسیة الأخرى لهذا المعتقد، هو تبریر الأعمال العنیفة التی یقومون بها عند الإنتقام.


کمثال على ذلک، إن العرب فی العصر الجاهلی کان لدیهم إصرار عجیب لإشباع غریزة الإنتقام لدیهم، و من الممکن ان یرثوا الحقد و حس الإنتقام الذی لدیهم من شخص أو قبیلة معینة من آبائهم و أسلافهم، وفی بعض الأحیان و لتبریر أعمال الإنتقام الوحشیة التی یقومون بها یلجأون الى هذا المعتقد، و هو أنهم کانوا یعتقدون أنه إذا قُتل شخص من قبیلتهم فإن روحه تحل فی جسد طیر یشبه "البوم" یسمى الهامة، و تحلق حول جسد المقتول بشکل مستمر و تنوح و تأن بشکل مخیف، و عندما یضعوا المقتول فی القبر، فإنها تطیر حول قبر المقتول و تصیح بشکل متوالی اسقونی! اسقونی! و إذا لم یراق دم القاتل فإن أنینها الحزین لا ینقطع.


و فی النهایة من الضروری الإشارة الى هذه الملاحظة و هی: إن الإعتقاد بالرجعة - و احدة من العقائد الحقة للشیعة - یختلف عن الإعتقاد بالتناسخ، لأن الروح فی عقیدة الرجعة ترجع الى جسدها الأصلی مع الحافظ على کمالاتها الأولیة. و على هذا الأساس لا تستوجب إعادة المعدوم أو تبدیل و رجوع الفعلیة الى القوة، على العکس من التناسخ التی ترجع الروح فیها الى قوالب أخرى بعد وصولها الى مرحلة الفعلیة و طیها لمراحل الکمال المادی و الطبیعی.

[1] . المؤمنون، 99ـ 100 .
[2] . سفینة البحار، مادة النسخ.
[3] . الإحتجاج للطبرسی، ج 2، ص 89.
[4] . شواهد الربوبیة، ص 161.
[5] . المعارف الإسلامیة، مؤسسة الممثلیة، ص 175.

 

http://www.islamquest.net/ar/archive/question/fa736

ماریة القبطية و سورة التحريم


خلاصة السؤال
هل صحيح أنّ النبي الأكرم (ص) أذن لحفصة بالذهاب إلى بيت أبيها و بغيابها قام بالاقتراب الجنسي مع إحدى زوجاته الإماء فلما علمت حفصة بذلك حرّم على نفسه تلك الجارية؟


السؤال
ما رأيكم فيما ما ورد في سبب نزول الآيات الأولى من سورة التحريم من أنّ حفصة زوج النبي الأكرم (ص) ذهبت في يومها الخاص بها إلى بيت أبيها فقامت الرسول الأكرم (بمقاربة إحدى زوجاته من الإماء) فلما علمت بذلك عائشة أخبرت حفصة بما جرى قالت له (ص): و الله لقد سؤتني، فقال النبي (ص): و الله لأرضینك فإني مسرّ إليك سرّاً فاحفظیه قالت: ما هو؟ قال: إني أشهدك أن سريتي هذه عليّ حرام رضا لك.... فنزلت الآيات الأولى من سورة التحريم؟


الجواب الإجمالي

من القضايا التي وقعت مثاراً للجدل و الاختلاف بين المسلمين  قضية سبب نزول الآيات الأولى من سورة التحريم. و من الواضح أن القرآن الكريم لم يشر إلى تفصايل القضية و ما هو السبب وراء نزول الآيات. و من هنا اختلفت كلمة مفسّري الفريقين الشيعة و السنّة تبعاً للاختلاف في الروايات المسجَّلة في مصادر الفريقين التي أشارت كلّ واحدة منها إلى سبب نزول يختلف عمّا ورد في الأخرى.


و المتأمِل في أسباب النزول يرصد قضية واضحة و هي أنّ ما ذكره أعلام المفسرين الشيعة و السنّة في اسباب النزول يستند إلى الروايات الموجودة في مصادر أهل السنّة، و لم ينفرد الشيعة بذكر رواية خاصة في سبب النزول باستثناء ما وري عن الإمام الباقر عليه السلام. و أنّ جميع ما ذكر في التفاسير الشيعية من أسباب نزول يستندون فيه إلى مصادر أهل السنة، و منها الرواية المذكورة في متن السؤال، و قد ضعف علماء العامّة بعض رجال سندها غير أن الطبري رواها في تفسيره "جامع البيان" بنفس السند المذكور.


والمتحصل من خلال البحث المفصل أنّه لم يتضح بجلاء جزئيات القضية إلا أنّ مفسّري الفريقين لم ينكروا إيذاء بعض نسائه (ص) له. مضافاً إلى ذلك أن الرواية هذه معارضة بروايات أخرى تتعرض لسبب آخر ذكرها المفسرون منها ما جاء  في صحيحي البخاري و مسلم عن عائشة، قالت: كان رسول اللّه (ص) يحب الحلواء و العسل، و في ذات يوم شرب عسلا عند زوجته زينب بنت جحش، فتواطأت أنا و حفصة على أن الرسول إذا دخل على إحدانا أن تقول له: اني أجد منك ريح مغافير.....


وقد تعرّض العلامة الطباطبائي في ذيل الآيات الأول من سورة التحريم لمجموعة من روايات شأن النزول و منها الحديث المذكور في متن السؤال وقال في نقدها: إنطباق ما في الحديث على الآيات و خاصة قوله: «عرف بعضه و أعرض عن بعض» فيه خفاء.
و مهما قيل عن سبب النزول فإن ظاهر الآيات يدل بوضوح أنّ النبي (ص) كان قد امتنع عن شي‏ء أحله اللّه له لسبب من الأسباب، و أنه قد أسرّ بذلك إلى بعض أزواجه، و أمرها بالكتمان، و لكنها خالفت و أفشت، فعاتب اللّه سبحانه نبيّه الكريم على امتناعه عمّا أحل اللّه له، و هدد أزواجه اللائي لا يستمعن إلى أمره.
 
الجواب التفصيلي

من القضايا التي وقعت مثاراً للجدل و الاختلاف بين المسلمين  قضية سبب نزول الآيات الأولى من سورة التحريم و التي جاء فيها "يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغي‏ مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَ هُوَ الْعَليمُ الْحَكيمُ * وَ إِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إلى‏ بَعْضِ أَزْواجِهِ حَديثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَ أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَ أَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَليمُ الْخَبيرُ * إِنْ تَتُوبا إلى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْريلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنينَ وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهير".[1]

و من الواضح أن القرآن الكريم لم يشر إلى تفصايل القضية و ما هو السبب وراء نزول الآيات و من هنا اختلفت كلمة مفسّري الفريقين الشيعة و السنّة تبعاً للاختلاف في الروايات المسجَّلة في مصادر الفريقين التي أشارت كلّ واحدة منها إلى سبب نزول يختلف عما ورد في الأخرى.

و المتأمل في أسباب النزول يرصد قضية واضحة و هي أنّ ما ذكره أعلام المفسرين الشيعة و السنّة في اسباب النزول يستند إلى الروايات الموجودة في مصادر أهل السنة[2] و لم ينفرد الشيعة بذكر رواية خاصة في سبب النزول باستثناء ما وري عن الإمام الباقر عليه السلام[3]. و أنّ جميع ما ذكر في التفاسير الشيعية من أسباب نزول يستندون فيه إلى مصادر أهل السنة.

ثم إنّ أكثر ما روي من أسباب نزول الآيات المباركة في مصادر العامّة روي مرسلاً من جهة و يفتقر إلى سند يمكن الركون إليه من جهة ثانية. و قد أسندوا ذلك إلى ابن عباس تارة و إلى عمر أخرى بلا تعرّض لسلسلة سند الحديث و الرواة الذين نقلوا الخبر. نعم، هناك روايات مسندة في مصادرة العامّة نكتفي بالتعرّض سنداً و دلالة لواحدة منها و هي التي وردت في متن السؤال.

روى صاحب "جامع البيان في تفسير القرآن الكريم" الرواية بالنحو التالي:«حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمّي، قال: حدثني أبي، عن أبیه أب جد سعد، عن ابن عباس، قوله: یا أَیهَا النَّبِی لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ إلى قوله وَ هُوَ الْعَلِیمُ الْحَكِیمُ قال: كانت حفصة و عائشة متحابتین و كانتا زوجتي النبي (ص)، فذهبت حفصة إلى أبیها أبو حفصة، فتحدثت عنده، فأرسل النبي (ص) إلى جاریته فظلت معه فی بیت حفصة، و كان الیوم الذي يأتي فیه عائشة، فرجعت حفصة، فوجدتهما في بیتها، فجعلت تنتظر خروجها، و غارت غیرة شدیدة، فأخرج رسول الله (ص) جاریته ، و دخلت حفصة فقالت: قد رأیت من كان عندك، و الله لقد سُؤْتَنِي، فقال النبي (ص): و الله لأرضینك فإني مسرّ إلیك سرا فاحفظیه قالت: ما هو؟ قال: إني أشهدك أن سُرِّيَّتِي هذه عليّ حرام رضا لك، و كانت حفصة و عائشة تظاهران على نساء النبي (ص)، فانطلقت حفصة إلى عائشة، فأسرت إلیها أن أبشري إن النبي (ص) قد حرّم علیه فتاته، فلما أخبرت بسرّ النبي (ص) أظهر الله عزّ وجل النبيَّ (ص)، فأنزل الله على رسوله لما تظاهرتا علیه (یا أَیهَا النَّبي لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ إلى قوله وَ هُوَ الْعَلِیمُ الْحَكِیمُ).[4]

و لنشرع في دراسة رجال سند الحديث المذكور ضمن النقاط التالية:


1. محمّد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد بن جناده، أبو جعفر العوفي[5]، من شيوخ الطبري،[6] روى عنه الطبري كثيراً في تفسيره[7]، أدرجه رجاليو أهل السنة في عداد أهل العلم و قالوا "لا بأس به"[8] و وصفوه بنعوت تدل على مدحه، بل صرّح البعض منهم بأنّ تلك الالفاظ بمثابة التوثيق و تدل على وثاقة الرجل.[9]


2. سعد بن محمد بن عطية العوفي[10] قال الذهبي في حقّه: وثقه بعضهم، و أما أحمد بن حنبل فقال: كان جهمياً.[11] و قال الخطيب البغدادي: " لم يكن ممن يستأهل أن يكتب عنه، و لا كان موضعا لذاك.[12] لم يذكر في المصادر الرجالية الشيعية.


3. حدثني عمّي؛ يعني حسين بن حسن بن عطية العوفي (القاضي أبو عبد الله الكوفي)[13] كان جدّه عطية  من فقهاء الشيعة، و من مشاهير التابعين في زمن الحجاج. قسمت فارسي   اين وصف را به حسين بن حسن نسبت داده (او از فقهای شیعه و از مشهورترین تابعین در زمان حجاج است.) [14] تصدّى للقضاء في زمن هارون الرشيد[15] ضعّفه أهلّ السنّة في نقل الحديث.[16] روى عن أبيه.[17]
4. حدثني أبي؛ يعني حسن بن عطية بن سعد بن جُنادة العوفي، و قد ضعفه أكثر علماء العامّة[18] و قال البعض منهم: لم يكن به بأس.[19] و كان الحسن بن عطية الكوفي من رواة حديث الثقلين.[20]


5. عن أبيه، يعني عطية بن سعد بن جُنادة (بعد 35- 111ق)[21] الذي وُلد في خلافة الإمام علي- عليه السّلام.[22] يكنى بأبي الحسن الكوفي، من مشاهير التابعين و كان شيعياً[23]. روى عن: أبي سعيد الخدري، و زيد بن أرقم، و عبد اللّه بن عباس، و عدي بن ثابت الانصاري، و آخرين.[24] عُدّ من أصحاب الإمام محمد الباقر- عليه السّلام- [25]و أخذ عنه أبان بن تغلب.[26] و قد ضعّف عطية َ جماعة من علماء أهل السنّة، منهم: النسائي و أبو حاتم.[27] و يظهر أنّ تضعيفه، انّما هو من جهة المذهب أي لتشيعه.[28] فيما ذهب آخرون منهم كمحمد بن جرير الطبري إلى توثيقه[29] و لذا روى عنه هذه الرواية.


روى الطبري أن والده سعد بن جناده‏ جاء إلى علي بن أبى طالب (ع) و هو بالكوفه، فقال: يا أمير المؤمنين، إنّه ولد لي غلام فسمّه، فقال: هذا عطية الله، فسمّي عطية.[30] ذكره البرقي في رجاله[31] و الشيخ الطوسي في رجاله.[32] و ذهب البعض من أعلام الشيعة إلى اتحاده مع عطية العوفي.[33]


هذا تمام الكلام في سند الحديث و قد ظهر أن علماء العامّة ضعفوا البعض من رواة السند، إلا أن الطبري نقل الرواية في تفسيره بهذا السند منتهيا إلى ابن عباس.


غير أن العلامة الطباطبائي (قدس سرّه) تعرض في تفسيره "الميزان في تفسير القرآن" في ذيل الآيات الأول من سورة التحريم لمجموعة من روايات شأن النزول و منها الحديث المذكور في متن السؤال وقال في نقدها: أقول: انطباق ما في الحديث على الآيات و خاصة قوله: «عرف بعضه و أعرض عن بعض»[34] فيه خفاء.[35]


فالمتحصل أنّه لم يتضح بجلاء جزئيات القضية إلا أنّ مفسّري الفريقين لم ينكروا إيذاء بعض نسائه (ص) له. مضافاً إلى ذلك أن الرواية هذه معارضة بروايات أخرى تتعرض لسبب آخر ذكرها المفسرون منها ما جاء  في صحيحي البخاري و مسلم عن عائشة، قالت: كان رسول اللّه (ص) يحب الحلواء و العسل، و في ذات يوم شرب عسلا عند زوجته زينب بنت جحش، فتواطأت أنا و حفصة على ان الرسول إذا دخل على إحدانا أن تقول له: اني أجد منك ريح مغافير [36]. و هكذا كان. فقال الرسول: لا بل شربت عسلا عند زينب و لن أعود، و قد حلفت، و لا تخبري بذلك أحدا.


و في تفسير الشيخ المراغي أن التي دخل عليها النبي (ص) و حرّم على نفسه العسل أمامها هي حفصة، فأخبرت عائشة بذلك مع أن النبي (ص) استكتمها الخبر.


و قال الشيخ المراغي: و قد كانت عائشة و حفصة متصافيتين متظاهرتين على سائر أزواج النبي (ص).


و مهما قيل عن سبب النزول فإن ظاهر الآيات يدل بوضوح أن النبي (ص) كان قد امتنع عن شي‏ء أحله اللّه له لسبب من الأسباب، و أنه قد أسرّ بذلك إلى بعض أزواجه، و أمرها بالكتمان، و لكنها خالفت و أفشت، فعاتب اللّه سبحانه نبيّه الكريم على امتناعه عمّا أحل اللّه له، و هدد أزواجه اللائي لا يستمعن إلى أمره.[37]
 
[1]. سورة التحريم، 1-4.
[2] من قبيل ماجاء في التفاسير التالية: الطبري(القرن الرابع)، أبو جعفر محمد بن جریر، جامع البیان في تفسير القرآن، ج 28، ص 100 – 103، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى، 1412ق؛ السمرقندي(القرن الرابع)، نصر بن محمد بن أحمد، بحر العلوم، ج 3، ص 466، دار الفکر، بيروت، 1416ق؛ الواحدي، علي بن أحمد (القرن الخامس)، أسباب نزول القرآن، تحقیق: بسيوني زغلول، کمال، ص 459 – 461، دار الکتب العلمیة، بیروت، الطبعة الأولى، 1411ق؛‏ طبري کيا هراسي، أبوالحسن علي بن محمد (القرن الخامس)، أحکام القرآن، تحقیق: موسى، محمدعلي، عبد عطية، عزة،  دارالکتب العلمیة، بيروت، الطبعة الثانية، 1405ق؛  ابن کثیر(القرن الثامن)، الدمشقي إسماعیل بن عمرو، تفسیر القرآن العظیم، تحقیق: شمس الدین، محمد حسین، ج 8، ص 180 – 185، دار الکتب العلمیة، منشورات محمدعلي بیضون، بیروت، الطبعة الأولى، 1419ق.
[3]. جاء في كتاب دعائم الاسلام في معرض الحديث عن سبب نزول آية التحريم عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: كان رسول الله (ص) قد خلا بمارية القبطية قبل أن تلد إبراهيم فأطلعت عليه عائشة فأمرها أن تكتم ذلك و حرمها على نفسه فحدثت عائشة بذلك حفصة فأنزل الله عزّ و جلّ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ). ابن حیون، نعمان بن محمد المغربي، دعائم الإسلام و ذکر الحلال و الحرام و القضایا و الأحکام، تحقيق و تصحيح: فيضي، آصف،‏ ج 2، ص 98، مؤسسة آل البیت(ع)، قم، الطبعة الثانية، 1385ق.
[4]. جامع البیان في تفسير القرآن، ج 28، ص 102.
[5]. الخطيب البغدادي، تاریخ بغداد، ج 2، ص 367، دار الکتب العلمیة، بیروت، الطبعة الأولى، 1417ق؛ الفالوجي الاثري، أکرم بن محمد زیادة، معجم شیوخ الطبري الذين روى عنهم فی کتبه المسندة المطبوعة، ص 491، الدار الأثریة، دار ابن عفان، الأردن، القاهرة، الطبعة الأولى، 1426ق.
[6]. معجم شيوخ الطبري الذين روى عنهم في کتبه المسندة المطبوعة، ص 491.
[7].  رصدنا ذلك من خلال عملية بحث كامبيوترية في برنامج جامع التفساير الصادر من مركز نور للابحاث الكامبيوترية.
[8]. تاریخ بغداد، ج 2، ص 368؛ الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد، تاریخ الاسلام و وفیات المشاهیر و الأعلام، تحقیق: تدمري، عمر عبد السلام، ج 20، ص 445، دار الکتاب العربي، بيروت،  الطبعة الثانية، 1413ق.
[9]. نصيري، علي، حديث شناسي، ج 2، ص 122، انتشارات سنابل، قم، الطبعة الأولى، 1383ش.
[10]. تاریخ بغداد، ج 2، ص 367؛ معجم شيوخ الطبري الذین روى عنهم في کتبه المسندة المطبوعة، ص 491.
[11]. تاریخ الاسلام و وفیات المشاهیر و الأعلام، ج 16، ص 171.
[12]. تاریخ بغداد، ج 9، ص 128 – 129.
[13]. تاریخ الاسلام و وفیات المشاهیر و الأعلام، ج 14، ص 104؛ مَنْدَه العبدي، أبو عبد الله محمد بن إسحاق، فتح الباب في الکنى والألقاب، تحقيق: فاریابي، أبو قتیبة نظر محمد، ص 488، مکتبة الکوثر، الریاض، الطبعة الأولى، 1417ق.
[14]. السبحاني التبريزي، جعفر، موسوعة طبقات الفقهاء، ج 3، ص 218، مؤسسه الإمام الصادق(ع)، قم، الطبعة الأولى.
.[15] البلاذري، أحمد بن یحیى‏، أنساب الأشراف‏، تحقیق: زکار، سهیل، الزرکلي، الریاض، ج 13، ص 269، دار الفکر، بیروت، الطبعة الأولى، 1417ق؛ موسوعة طبقات الفقهاء، ج 3، ص 219.
[16]. ابن أبي حاتم منذر التميمي، أبو محمد عبد الرحمن بن محمد، الجرح والتعدیل، ج 3، ص 48، طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانیة، دار إحیاء التراث العربي، حیدر آباد الهند، بيروت، الطبعة الأولى، 1271ق؛ تاریخ الاسلام و وفیات المشاهیر و الأعلام، ج 14، ص 104 – 105؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، لسان المیزان، تحقق: أبو غدة، عبد الفتاح، ج 3، ص 155، دار البشائر الإسلامیة، الطبعة الأولى، 2002م.
[17]. موسوعة طبقات الفقهاء، ج 3، ص 218.
[18]. تاریخ الإسلام و وفیات المشاهیر و الأعلام، ج 9، ص 108؛ الکلبي المزي، یوسف بن عبد الرحمن، تهذیب الکمال في أسماء الرجال، تحقيق: د. بشار عواد معروف، ج 6، ص 211 – 212، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، 1400ق.
[19]. ابن شاهین، أبو حفص عمر بن أحمد، تاریخ أسماء الثقات، تحقيق: صبحي السامرائي، ص 60، الدار السلفية، الکویت، الطبعة الأولى، 1404ق.
[20]. الشیخ الطوسي، الأمالي، ص 255، دار الثقافة، قم، الطبعة الأولى، 1414ق؛ الشیخ الحُرّ العاملي، إثبات الهداة بالنصوص و المعجزات، ج 2، ص 134، الأعلمى، بيروت، الطبعة الأولى، 1425ق.
[21]. زرکلى، خیر الدین، الأعلام قاموس تراجم لأشهر الرجال و النساء من العرب والمستعربین و المستشرقین، ج 4، ص 237، دار العلم  للملایین، بیروت، چاپ هشتم، 1989م؛ موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص 462.
[22]. موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص 462.
[23]. الأعلام قاموس تراجم لأشهر الرجال و النساء من العرب و  المستعربین و المستشرقین، ج 4، ص 237؛ موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص 463.
[24]. موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص 462.
[25]. نفس المصدر، ص463.
[26]. نفس المصدر، تاریخ الاسلام و وفیات المشاهیر و الأعلام، ج 7، ص 424.
[27]. الذهبي، شمس الدین أبو عبد الله محمد بن أحمد، سیر أعلام النبلاء، ج 5، ص 325، مؤسسة الرسالة، بیروت، الطبعة الثالثة، 1405ق؛ الجرجاني، أبو أحمد بن عدي، الکامل في ضعفاء الرجال، تحقیق: عبد الموجود، عادل أحمد، معوض، علي محمد، ج 7، ص 84، الکتب العلمیة، بیروت، الطبعة الأولى، 1418ق.
[28]. موسوعة طبقات الفقهاء، ج 1، ص 463.
[29]. الطبري، أبو جعفر محمد بن جریر، تاریخ الأمم و الملوك، تحقیق: إبراهیم ، محمد أبو الفضل، ج 11، ص 641، دار التراث ، بیروت، الطبعة الثانية، 1387ق.
[30]. نفس المصدر، ص 640 – 641.
[31]. البرقي، أحمد بن محمد، الطبقات (رجال البرقي)، ص 14، انتشارات جامعة طهران، 1383ق.
[32]. الشيخ الطوسي، رجال الشیخ الطوسي، تحقيق و تصحيح: قيومي أصفهاني، جواد، ص 76 و 140، مكتب النشر الإسلامي، قم، الطبعة الثالثة، 1427ق.
[33]. الموسوي الخوئي، السید أبو القاسم، معجم رجال الحدیث و تفصیل طبقات الرجال، ج 12، ص 164.
[34]. التحریم، 3.
[35]. انظر: الطباطبائي، السيد محمد حسین، المیزان في تفسیر القرآن، ج 19، ص 337 – 342، مكتب التبليغ الإسلامي، قم، الطبعة الخامسة، 1417ق.
[36]. صمغ حلوله رائحة كريهة، و كان الرسول يكره ان تكون له ريح غير طيبة
[37]. محمد جواد مغنية، تفسير الكاشف، ج7، ص361- 362،  دار الكتب الإسلامية، طهران،  1424 ق، الطبعة الأولى.

 

http://www.islamquest.net/ar/archive/question/fa23799

هل عیّن النبی (ص) فی زمان مرضه أبابکر إماماً للجماعة؟


السؤال
 
هل تعیین إمامة أبی بکر للجماعة فی زمان مرض النبی (ص) صحیح أم لا؟
 
 
الجواب الإجمالي

 

نُقلت عدة روایات فی هذا المجال فی المصادر السنیة، القبول بها یوجد عندنا عدّة إشکالات و ابهامات لابد من ردّها. و علی فرضا صحتها و التسلیم بها، فإن مجرد تعیین شخص إماماً للجماعة مرة واحدة أو مرّتین لا یکون دلیلاً علی أحقّیته و لیاقته للخلافة بعد النبی (ص) و ذلک لوجود أفراد آخرین قد صرّح النبی الأکرم (ص) بأحقّیتهم و لیاقتهم لإمامة الجماعة فی الصلاة، و لکن لا نری من یعتبر هذا التصریح دلیلا علی أحقیّتهم فی الإمامة و الخلافة.

 

الجواب التفصيلي

 

جاء فی المصادر السنیة أن النبی (ص) أمر یوماً فی أیام مرضه أبابکر للصلاة الجماعة فی الناس. و قد اعتبر الکثیر من أهل السنة هذه القضیة نوع تفضیل لأبی بکر و دلیلا علی أحقیته فی أمر الخلافة. لکن هذه القضیة قد نُقلت بأسالیب مختلفة لا یُمکن قبول أیٍّ منها.

 

روی مسلم فی صحیحه عن عائشة انها قالت: «لما اشتد برسول الله (ص) وجعه، قیل له فی الصلاة فقال: مروا أبابکر فلیصل بالناس، قالت عائشة: أن أبابکر رقیقٌ إذا قرأ غلبه البُکاء، قال: مروه فلیصلی فعاودته قال: مروه فیصلی انکنّ صواحب یوسف». [1]

 

فی حدیث آخر عن عائشة لما مرض رسول الله (ص) المرض الذی مات فیه اَذن بلال للصلاة فقال: مروا أبابکر أن یصلی بالناس، فقلت أن أبابکر رجل رقیق القلب ...... الی أن قال: اِنکن صواحب یوسف، فأرسلنا خلفه فتقدم أبوبکر و وجد رسول الله (ص) خفّة فخرج یهادی بین رجلین .... فلما دنا من أبی بکر تأخّر ابوبکر فأشار إلیه رسول الله (ص) أن قم فی مقامک فقعد رسول الله (ص) فصلی الی جنب ابوبکر جالساً قالت فکان ابوبکر یصلّی بصلاة النبی (ص) و کان الناس یصلّون بصلاة أبی بکر. [2]

 

قال الطبری: قال رسول الله (ص)«آن وقت الصلاة؟ قیل: نعم قال: فأمروا أبابکر لیصلی بالناس، فقالت عائشة: أنه رجل رقیق فمر عمر فقال: مروا عمر فقال: عمر: ما کنت لأتقدم و ابوبکر شاهد فتقدم و وجد رسول الله خفة فخرج فلما سمع ابوبکر حرکته تأخّر فجذب رسول الله (ص) ثوبه فأقامه مکانه و قعد رسول الله (ص) فقرأ من حیث انتهی ابوبکر.[3]

 

ما جاء فی هذه الروایات یدعو الی کثیر من التأمّل و یبعث علی مزید من التساؤل بحیث لا یُمکن أن یطمئن إلیها أحد، و من هذه الأسئلة:

 

السؤال الأول: إذا کان النبی (ص) قد أمر أبابکر بالصلاة بالناس جماعة، فلماذا یذهب بعدها الی المسجد للصلاة بصعوبة بحیث لم یکن قادراً علی المشی؟.

 

السؤال الثانی: هل حضوره فی المسجد کان تأییداً لأبی بکر؟ و إذا کان کذلک فلماذا یجره و یفرش قمیصه و یقف مکانه و یصلی؟

 

السؤال الثالث: إذا کان ابوبکر قد اقتدی بالنبی (ص) کما تذکر الروایة، إذن لا یوجد أی معنی لإمامته، فهل من الممکن أن یکون الشخص فی وقت واحد إماماً لشخص و مأموماً لآخرین.

 

السؤال الرابع: ما هی هذه الصلاة التی صلّاها ابو بکر بدلاً عن النبی (ص)؟ هل کانت صباحاً أم ظهراً أم عشاءً و أین حصلت هذه الإمامة؟ و لماذا نقل محدثو أهل السنة هذه القصة بشکل متناقض فی کُتبهم؟

 

السؤال الخامس: إذا کانت هذه الصلاة دلیلا علی اولویة أبی بکر للخلافة، فلماذا لم یستد بها شخص من المهاجرین و الأنصار فی السقیفة بل و حتی نفس أبی بکر لم یستدل بها؟

 

السؤال السادس: إذا کانت صلاة أبی بکر نیابة عن النبی (ص) موجبة لإستحقاقه للخلافة، فلماذا لا یستحق «عبد الرحمن بن عوف» الخلافة؟ ألم یروی محدثوا أهل السنة فیه روایة عن النبی (ص) –و لم یشکّک فی هذه الروایة أحد منهم- حیث ینقلون أن النبی (ص) قال فی حقه «صلی خلفه». [4]

 

السؤال السابع: و هل هذه الصلاة –علی فرض ثبوتها- یُمکن أن تقف أمام النصوص الکثیرة المتواترة التی ذکرها النبی (ص) فی حق أمیر المؤمنین(ع) حیث یقول: «یا علی أنت منّی بمنزلة هارون من موسی». [5]

 

السؤال الثامن: علی فرض ثبوت هذه المسألة، لماذا عندما یامر النبی و فی فراش مرضه أبابکر للصلاة بالناس جماعة لا یقال عنه أنه یهجر! و لکن عندما یأمر بدواة و صحیفة لکی یکتب شیئاً علی حد قوله (ص) «لن تضلّوا بعدی أبداً» یقول عمر –نستجیر بالله- أن النبی لیهجر؟[6]

 

فإذا کان النبی(ص) یهجر، فلماذا جعلتم کلامه (ص) فی صلاة أبی بکر سنداً؟ و إذا لم یکن یهجر فلماذا نسب له عمر الهذیان؟

 

السؤال التاسع: لقد أمر النبی (ص) أصحابه و هو فی فراش موته أن یلتحقوا بجیش اسامة و قال (ص) «جهّزوا جیش اسامة[7] لعن الله من تخلّف عنه»[8] و علی رأی کل المؤرّخین أن اسامة لم یرجع بجیشه حتی توفی النبی(ص) فهل کان ابوبکر مع جیش اسامة أم لا؟ و إذا لم یشترک فقد تخلّف عن أمر النبی(ص).[9] و إذا اشترک فلم یکن عندها فی المدینة حتی یُمکنه أن یصلی بدل النبی (ص). [10]

إذن، مع کل هذه التناقضات کیف یصح أن أبابکر صلّی نیابة عن النبی (ص)؟

 

السؤال العاشر: لماذا یعاتب النبی (ص) زوجاته، مشبها لهن بصواحب یوسف، فماذا فعلت عائشة حتی تستحق هذا العتب و التقریع؟

 

مع کل هذه الاسئلة التی لا جواب عنها، لا یُمکن قبول صحة و دلالة هذه الروایات. [11]

http://www.islamquest.net/ar/archive/question/fa9029

 


[1]  صحیح مسلم، کتاب الصلاة، ج1 ص313؛ صحیح البخاری، کتاب الأذان؛ مسند أحمد بن حنبل، ج6، ص239؛ مسند أبی عوانة، ص114 و ...

[2]  صحیح البخاری، کتاب الصلاة، ج1 ص85 و92؛ صحیح مسلم، ج1 ص85 و92؛ مسند أحمد بن حنبل، ج6، ص210؛ سنن النسائی، ج3 ص99و100 و ...

[3]  تاریخ الطبری، ج2، ص230، طبعة بیروت.

[4]  المغازی، الواقدی، ج3، ص1012؛ تهذیب الکمال، ج14ص122.

[5]  نفس المصدر.

[6]  عمر بن الخطاب و لأجل منع النبی الأکرم(ص) من الوصیة قال: «دعوا الرجل فإنه لیهجر!!! حسبنا کتاب الله» و قد نقلها أکابر علماء السنة بألفاظ مختلفة فضلاً عن علماء الشیعة: الف: صحیح البخاری، کتاب العلم، باب کتابة العلم، ج1، ص39، ج2، ص118- ج4، باب قول المریض من کتاب المرضی، ص5، ج6، باب مرض النبی(ص) و وفاته، ص11 –ج4 کتاب الجهاد، باب جوائز الوفد، ص85.

ب: صحیح مسلم، ج6، کتاب الوصیة، باب ترک الوصیة، ص76.

ج: شرح نهج البلاغة لإبن أبی الحدید المعتزلی، ج2 ص536 و ج2 ص20.

د: الکامل، لإبن اثیر، ج2 ص217.

[7]  تاریخ مدینة دمشق، لإبن عساکر، ج2 ص57 و ج8 ص60؛ المعجم الکبیر، الطبرانی، ج3 ص130؛ کنز العمال، ج10 ص576 و ...

[8] الملل و النحل، للشهرستانی، ج1، ص23 ؛ تاریخ خلیفة ابن خیاط، ص63-64؛ شرح نهج البلاغة، لإبن أبی الحدید، ج6 ص52 و ...

[9]  مضافاً الی ذلک لو قلنا بعدم ذهاب أبی بکر مع جیش اسامة یکون مشمولاً للعن النبی الأکرم (ص). و ذلک لأن طبقاً لبعض الروایات کما جاء فی هامش رقم 8 أن النبی (ص) لعن المتخلّفین عن جیش اسامة.

[10]  صرّح أکثر مؤرّخی السنة، أن أبابکر کان فی جیش اسامة، منهم:طبقات الکبری،لإبن سعد، ج4 ص46 و 136؛ تهذیب، لإبن عساکر، ج2 ص391 و ج3 ص215؛ کنز العمال، ج5 ص312؛ تاریخ الخمیس، ج2 ص172؛ تاریخ الیعقوبی، ج2، ص93؛ شرح نهج البلاغة، لإبن أبی الحدید، ج1 ص53 و ج2 ص21 و ...

[11]  اُخذ من «الفاروق الأعظم علی(ع)» مع قلیل من التصرّف و التغییر.

ما هی الأدلة العقلیة على حیاة إمام الزمان؟


السؤال
هل توجد أدلة عقلیة على حیاة إمام الزمان؟

 


الجواب الإجمالي

إن وجود إمام الزمان (عج) و إمامته من مباحث الإمامة الخاصة التی لا یمکن إثباتها بشکل مباشر اعتماداً على الأدلة العقلیة، و لکن بالاستفادة من الدلیل العقلی فی إثبات الإمامة العامة و ضرورة وجود الإمام فی کل زمان، استناداً إلى الروایات و النصوص التاریخیة التی تدل على أن الإمام فی هذا الزمان هو الإمام المهدی (عج) حصراً، هذا هو الطریق الذی یوصلنا إلى المقصد.

إن ضرورة وجود الإنسان المعصوم و الحجة الإلهیة فی کل زمان تعتمد على الأدلة العقلیة المتعددة فی ما یخص الإمامة العامة، فمثلاً إن النبوة و الإمامة نوع فیض معنوی من الله سبحانه و على أساس قاعدة اللطف، فإن مثل هذا اللطف لابد و أن یکون دائماً دون انقطاع.

و أما الروایات الدالة على انحصار وجود الإنسان المعصوم و الکامل فی شخص الإمام المهدی (عج) کثیرة إلى حد لا یمکن معه إنکار مدلولها حتى قبلها الکثیر من مشاهیر علماء أهل السنة و أثبتوها فی کتبهم، و قالوا بشکل إجمالی: المهدی الموعود هو ابن الإمام الحسن العسکری (ع) و قد ولد فی سامراء فی سنة 255 للهجرة، و إنه ما زال على قید الحیاة و لکنه غائب و سیظهر فی یوم من الأیام بأمر من الله.

و إن قبول طول العمر بالنسبة إلى الإمام المهدی (عج) لا تلقى أی لون من ألوان الاستبعاد، لأن الإمام (ع) یستفید من العلوم الإلهیة و الأنماط العلمیة و الطبیعیة فی حیاته مما یؤدی إلى طول عمره من دون ان یتعرض لمرحلة الشیخوخة و انهدام البدن و تفسخ الخلایا. کما أنه لیس من المستبعد أن یحفظ الله سبحانه حجته و یدخره لإقامة العدل و محق الظلم من على وجه الأرض عن طریق استثنائه من العوامل الطبیعیة الظاهریة.

الجواب التفصيلي

إمامة الإمام المهدی (عج) و وجوده من مباحث الإمامة الخاصة و فی الإمامة الخاصة لا یمکن الاستفادة من الدلیل العقلی بشکل مباشر،[1] و الدلیل العقلی یثبت الإمامة العامة و ضرورة وجود الإمام (ع) فی کل زمان. ففی الإمامة العامة یقام الدلیل و البرهان العقلی على ضرورة وجود الإنسان المعصوم و حجة الله على أرضه، و علیه فإذا دلت الأدلة التاریخیة و الروائیة على ولادة الإمام المهدی (عج) و أنه ما زال حیاً فبالإمکان ضم هذه المقدمة إلى المقدمة الأولى لتکون المحصلة أن الإمام المهدی (عج) هو واسطة الفیض الإلهی الوحیدة فی هذا الزمان و أنه لا یزال حیاً إلى یومنا هذا.[2]

دراسة رکنی الاستدلال:

1- البرهان العقلی على ضرورة وجود الإمام فی کل زمان:

ألف. برهان اللطف: النبوة و الإمامة نوع فیض معنوی من قبل الله تعالى، و بحسب قاعدة اللطف لابد من دوام وجودها، فقاعدة اللطف تقتضی وجود إمام بین ظهرانی المجتمع الإسلامی یمثل محور الحق الذی یمنع المجتمع عن الوقوع فی الخطأ المطلق و إن الجملة التی نقلت عن الإمام الصادق (ع) حیث قال: «إن الله جل و عز أجل و أعظم من أن یترک الأرض بغیر إمام»،[3] یمکن أن تکون إشارة إلى هذا البرهان.

و یمکن إجمال ألطاف الإمام الغائب فی الموارد التالیة:

1. حراسة الدین الإلهی بشکل کلی[4]

2. تربیة النفوس ذات الاستعداد

3. الحفاظ على المذهب

4. وجود القدوة الحسنة المجسدة التی یقتدی بها الناس

ب. برهان العلة الغائیة:

لقد ثبت فی علم الکلام أن لله سبحانه غایة و هدفاً من أفعاله، و حیث إن الله کمال مطلق و لا سبیل للنقص إلى ساحته سبحانه، فإن غایة الأفعال الإلهیة ترجع إلى المخلوقات و أن غایة وجود الإنسان هی وجود الإنسان الکامل أی أن الإنسان کالشجرة التی تکون ثمارها الإنسان الکامل.

ج. برهان الإمکان الأشرف: توجد قاعدة فی الفلسفة تسمى قاعدة الإمکان الأشرف، و مؤدى هذه القاعدة الآتی؛ إن الممکن الأشرف أقدم من الممکن الأخس بلحاظ مراتب الوجود... .[5]

و الإنسان أشرف المخلوقات فی عالم الوجود، فمن المحال أن یصل الوجود، و الحیاة، و العلم، و القدرة و سائر الکمالات الأخرى إلى الأفراد العادیین قبل وصولها إلى الإنسان الکامل و حجة الله فی أرضه.

د. برهان المظهر الجامع: إن هویة الخالق تعالى فی مقام الظهور تغلب علیها أحکام الوحدة، و لا یوجد مجال للأسماء التفصیلیة بالنسبة إلى الوحدة الذاتیة، و من جهة أخرى فإن المظاهر التفصیلیة الظاهرة فی عالم الخارج تغلب فیها أحکام الکثرة على الوحدة. و هنا یقتضی الأمر الإلهی تحقق الاعتدال و عدم غلبة الوحدة أو الکثرة على بعضها البعض، حتى یکون مظهر الحق من جهة أسماء التفصیلیة و الوحدة الذاتیة حقیقة متجسدة و لا تتجسد صورة الاعتدال هذه إلاّ فی الإنسان الکامل.[6]

نکتفی بهذا القدر من الأدلة و نحیل القارئ إلى الکتب المفصلة و الموسعة فی هذا الموضوع.[7]

2- الأدلة التاریخیة و الروائیة على ولادة الإمام المهدی (عج) و حیاته کثیرة جداً، نشیر إلى بعضها على وجه التمثیل:

1-1. اعترف الکثیر من علماء السنة و قبلوا[8] أن المهدی الموعود هو ابن الإمام الحسن العسکری (ع) و أنه ولد فی سامراء عام 255 هـ. و أنه غائب و سوف یظهر فی یوم ما، و أثبتوا جمیع ذلک فی کتبهم.[9]

1-2. إن الإمام الحسن العسکری (ع) أخبر عن ولادة ولده المنتظر قبل أن یولد، و من جملة ذلک ما قاله لعمته حکیمة: «فی لیلة الخامس عشر من شعبان ولد المهدی من نرجس».[10]

یقول أحمد بن إسحاق: «الحمد لله الذی لم یخرجنی من الدنیا حتى أرانی الخلف من بعدی، أشبه الناس برسول الله (ص) خلقاً و خلقاً یحفظه الله تبارک و تعالى فی غیبته، ثم یظهره فیملأ الأرض عدلاً و قسطاً کما ملئت جوراً و ظلماً».[11]

و کذلک أطلع الإمام العسکری (ع) خواصه و أصحابه على ولادة ولده المهدی (عج) بعد أن ولد:

یقول محمد بن علی بن حمزة: «حجة الله على عباده ».[12]

و قال أحمد بن حسن بن اسحاق القمی: عندما ولد الإمام المهدی (عج) أرسل إلی الإمام الحسن العسکری (ع) رسالة جاء فیها: «وُلِدَ لی وَلدٌ، فاکتم هذا الأمر، لأننا لا نعلم به إلا الأقرباء و الأصدقاء».[13]

«وجه إلی مولای أبو محمد (ع) بکبش و قال: عقه عن ابنی فلان، و أطعم أهلک».[14]

1-3. بالإضافة إلى أخبار الإمام العسکری عن ولده المهدی قبل ولادته و إعلام الخواص من أصحابه بولادته، فإنه ذهب إلى أکثر من ذلک حیث أظهر ولده المهدی إلى عدد من الناس لیشاهدوه زیادة للإیمان و الاطمئنان لدى شیعته.

یقول أحمد بن اسحاق: «خرج الإمام و على عاتقه غلام کأن وجهه القمر لیلة البدر، من أبناء ثلاث سنین، فقال: یا أحمد بن إسحاق، لولا کرامتک على الله و على حججه، ما عرضت علیک ابنی هذا إنه سمی رسول الله و کنیه الذی یملأ الأرض قسطاً و عدلاً کما ملئت جوراً و ظلماً».[15]

یقول معاویة بن حکیم، و محمد بن أیوب و محمد بن عثمان بن سعید العمری: اجتمعنا أربعون نفراً فی بیت الإمام الحسن العسکری (ع) فأرانا الإمام ولده المهدی و قال: «هذا إمامکم و خلیفتی».[16]

یقول علی بن بلال و أحمد بن هلال، محمد بن معاویة بن حکیم، و حسن بن أیوب: نحن عدة من الشیعة اجتمعنا فی بیت الإمام الحسن العسکری (ع) و قد سألنا الإمام عن خلیفته، و بعد ساعة عرض علینا الإمام طفلاً، و قال: «هذا إمامکم بعدی».[17]

یقول عمر الأهوازی: أرانا الإمام العسکری (ع) ولده و قال: «هذا ولدی إمامکم بعدی».[18]

یقول إبراهیم بن محمد: رأیت صبیاً جمیلاً فی بیت الإمام الحسن العسکری (ع)، فسألت الإمام (ع): یا ابن رسول الله، من هذا الصبی؟، فقال: «هذا ابنی، هذا خلیفتی».[19]

یقول یعقوب بن منفوس: دخلت على أبی محمد الحسن بن علی (ع) و هو جالس على دکان فی الدار و عن یمینه بیت علیه ستر مسبل فقلت له: سیدی من صاحب هذا الأمر، فقال: ارفع الستر، فرفعته فخرج إلینا غلام خماسی، فجلس على فخذ أبی محمد (ع) فقال: «هذا صاحبکم».[20]

1-4. بعد بشارة الإمام العسکری (ع) و إراءة ولده الإمام المهدی (عج) للخواص، جاء دور الخواص لیطلعوا الشیعة على ولادة الإمام لانتشالهم من الشک و الحیرة و بعث الاطمئنان فی نفوسهم.

و ممن قام بهذه المهمة عدد کبیر من أمثال حکیمة عمة الإمام العسکری (ع)، عثمان بن سعید العمری، حسن بن حسین العلوی، عبد الله بن عباس العلوی، الحسن بن منذر، حمزة بن أبی الفتح، محمد بن عثمان بن سعید العمری، معاویة بن حکیمة، محمد بن معاویة بن حکیم، محمد بن أیوب بن نوح، حسن بن أیوب بن نوح، علی بن بلال، أحمد بن هلال، محمد بن إسماعیل بن موسى بن جعفر، یعقوب بن منفوس، عمر الأهوازی خادم فارسی، أبو علی بن المظهر، أبو نصر طریف الخادم، کامل بن إبراهیم، أحمد بن إسحاق، عبد الله المستوری، عبد الله بن جعفر الحمیری، على بن إبراهیم بن مهزیار، أبو غانم الخادم کل هؤلاء سمعوا بولادة الإمام المهدی (ع) و أبلغوا الشیعة بذلک.

و لنتابع روایة عن حکیمة: «و یروى أن حکیمة بنت محمد الجواد کانت عمة أبی محمد الحسن العسکری ( رضی الله عنهما ) تحبه ، و تدعو له، و تتضرع إلى الله تعالى أن یرى ولده، فلما کانت لیلة النصف من شعبان سنة خامس وخمسین ومائتین ، دخلت حکیمة عند الحسن فقال لها: یا عمتی کونی اللیلة عندنا لأمر، فأقامت. فلما کان وقت الفجر اضطربت نرجس ، فقامت إلیها حکیمة، فوضعت المولود المبارک، فلما رأته حکیمة أتت به الحسن ( رضی الله عنهم ) وهو مختون ، فأخذه ومسح بیده على ظهره وعینیه، و أدخل لسانه فی فیه، وأذن فی أذنه الیمنى وأقام فی الأخرى، ثم قال: یا عمة إذهبی به إلى أمه، فردته إلى أمه...... قالت حکیمة: ثم جئت من بیتی إلى أبی محمد الحسن فإذا المولود بین یدیه فی ثیاب صفر، وعلیه من البهاء والنور، أخذ حبه مجامع قلبی، فقلت: یا سیدی هل عندک من علم فی هذا المولود المبارک؟ فقال: یا عمة هذا المنتظر الذی بشرنا به. فخررت لله ساجدة شکرا على ذلک، ثم کنت أتردد إلى الحسن فلا أرى المولود فقلت: یا مولای ما فعل سیدنا المنتظر ؟ قال استودعناه الله الذی استودعته أم موسى (ع) ابنها».[21]

1- 5. بعد شهادة الإمام العسکری (ع) قام الإمام المهدی (عج) بإتمام الحجة على شیعة الإمام العسکری من خلال إظهار الکرامات و شواهد الصدق (المعجزة أو شبه المعجزة) على إثبات وجوده و إمامته.

فی بدایة الغیبة الصغرى کانت مهمة منظمة الوکالة السریة التی بدأ تأسیسها فی زمان الإمام الصادق (ع) إزالة الشک و الحیرة عن نفوس الشیعة و طمأنتهم على وجود الإمام الغائب و النواب الأربعة، و کذلک فعل النواب الأربعة من خلال إراءة شواهد الصدق کالکرامات و العلوم العلیا التی نقلوها عن الحضرة المقدسة.

و إن هذه الشواهد و الدلائل الصادقة یحصل علیها الشیعة تارة بشکل مباشر من الإمام نفسه، و تارة عن طریق وکلائه و نوابه و إضافة إلى الإیمان بوجود الإمام المهدی (عج)، فإنهم على إطمئنان کامل فیما یخص النواب الأربعة، و أن الشواهد و الکرامات ظهرت بشکل مقصود فی زمن النائب الأول للإمام عثمان بن سعید العمری، و ذلک لأن الشیعة ما زالوا فی حیرة فی هذا الزمان، و لم یکونوا قد اطمأنوا لوجود الإمام المهدی (عج).

و مما کتب السید بن طاووس: «لقد رأى الکثیر من أصحاب الإمام الحسن العسکری (ع) الإمام الحجة، و أخذوا عنه الأخبار و الأحکام الشرعیة، بالإضافة إلى ذلک، فقد کان للإمام وکلاء معروفو النسب و الوطن، و قد نقل هؤلاء المعجزات و الأجوبة الصعبة و الأخبار الغیبیة التی نقلها الإمام عن جده (ص)».[22]

بعض النماذج:

و نکتفی هنا بنقل عدة نماذج:

1. ما جاء فی روایة سعد بن عبد الله الأشعری القمی حیث یقول: «إن الحسن بن النضر- الذی له منزلة خاصة عند الشیعة- و أبا صدام و جماعة تکلموا بعد مضی أبی محمد فیما أیدی الوکلاء و أرادوا الفحص، فجاء الحسن بن النضر إلى أبی صدام، فقال: إنی أرید الحج، فقال: أبو صدام أخره هذه السنة، فقال له الحسن: إنی أفزع فی المنام و لابد من الخروج و أوصى إلى أحمد بن على بن حماد و أوصى للناحیة بمال و أمراه أن لا یخرج شیئاً إلا من یده إلى یده بعد ظهوره، فذهب إلى بغداد و حصل على توقیع من جهة الناحیة المقدسة فاطمئن إلى إمامة الإمام و وکالة عثمان بن سعید العمری»[23].

2. روایة محمد بن إبراهیم بن مهزیار حیث یقول: «بعد وفاة الإمام الحسن العسکری (ع) وقعت فی شک فی أمر خلفیته، و کان أبی وکیل الإمام و لدیه أموال کثیرة، فحمل أبی الأموال و اصطحبنی معه و سرنا و مرض أبی فی الطریق، فأوصى إلی بالأموال و قال: اتق الله و أوصل هذه الأموال إلى صاحبها، فأی شخص أعطاک العلامة أودع عنده الأموال، ثم توفی.

فبقیت عدة أیام فی العراق، فوصلتنی بعد ذلک رسالة من عثمان بن سعید و قد ذکرت فی الرسالة جمیع المواصفات التی تتصف بها الأموال، تلک المواصفات التی لا یعلم بها إلاّ أنا و أبی».[24]

و کذلک فإن محمد بن إبراهیم بن مهزیار صار مطمئناً بهذه الکرامة و شاهد الصدق بوجود الإمام المهدی (ع) و نیابة عثمان بن سعید.

3. روایة أحمد الدینوری حیث یقول: «انصرفت من أردبیل إلى دینور أرید أن أحج و ذلک بعد مضی أبی محمد الحسن بن علی (ع) بسنة أو سنتین و کان الناس فی حیرة فاستبشر أهل دینور بموافاتی و اجتمع الشیعة عندی فقالوا: اجتمع عندنا ستة عشر ألف دینار من مال الموالی و نحتاج أن نحملها معک و تسلمها بحیث یجب تسلیمها. قال: فقلت: یا قوم هذه حیرة و لا نعرف الباب فی هذا الوقت، قال: فقالوا: إنما اخترناک لحمل هذا المال لما نعرف من ثقتک و کرمک فاعمل على أن لا تخرجه من یدیک إلا بحجة. قال: فحمل إلی ذلک المال فی صرر باسم رجل رجل، فحملت ذلک المال و خرجت فلما وافیت قرمیسین کان أحمد بن الحسن بن الحسن مقیما بها فصرت إلیه مسلما فلما لقینی استبشر بی ثم أعطانی ألف دینار فی کیس و تخوت ثیاب ألوان معکمة لم أعرف ما فیها، ثم قال لی: احمل هذا معک و لا تخرجه عن یدک إلا بحجة قال: فقبضت المال و التخوت بما فیها من الثیاب. فلما وردت بغداد لم یکن لی همة غیر البحث عمن أشیر إلیه بالنیابة، فقیل لی إن ههنا رجلا یعرف بالباقطانی یدعی بالنیابة و آخر یعرف بإسحاق الأحمر یدعی النیابة و آخر یعرف بأبی جعفر العمری یدعی بالنیابة، قال: فبدأت بالباقطانی و صرت إلیه فوجدته شیخا مهیبا له مروءة ظاهرة، و فرس عربی، و غلمان کثیر، و یجتمع الناس (عنده) یتناظرون. قال: فدخلت إلیه و سلمت علیه فرحب و قرب و سرّ و برّ، قال: فأطلت القعود إلى أن خرج أکثر الناس، قال: فسألنی عن دینی فعرفته أنی رجل من أهل دینور، وافیت و معی شئ من المال أحتاج أن أسلمه، فقال لی أحمله: قال: فقلت: أرید حجة قال: تعود إلی فی غد قال: فعدت إلیه من الغد فلم یأت بحجة وعدت إلیه فی الیوم الثالث فلم یأت بحجة. قال: فصرت إلى إسحاق الأحمر فوجدته شابا نظیفا، منزله أکبر من منزل الباقطانی و فرسه و لباسه و مروءته أسرى و غلمانه أکثر من غلمانه ، و یجتمع عنده من الناس أکثر مما یجتمع عند الباقطانی قال: فدخلت و سلمت فرحب و قرب قال: فصبرت إلى أن خف الناس قال: فسألنی عن حاجتی فقلت له: کما قلت للباقطانی وعدت إلیه ثلاثة أیام فلم یأت بحجة. قال: فصرت إلى أبی جعفر العمری فوجدته شیخا متواضعا، علیه مبطنة بیضاء قاعد على لبد فی بیت صغیر لیس له غلمان و لا من المروءة و الفرس ما وجدت لغیره، قال: فسلمت فرد الجواب و أدنانی و بسط منی ثم سألنی عن حالی فعرفته أنی وافیت من الجبل و حملت مالا، قال: فقال: إن أحببت أن یصل هذا الشئ إلى من یجب أن یصل إلیه تخرج إلى سر من رأى و تسأل دار ابن الرضا و عن فلان بن فلان الوکیل و کانت دار ابن الرضا عامرة بأهلها فإنک تجد هناک ما ترید. قال: فخرجت من عنده و مضیت نحو سر من رأى و صرت إلى دار ابن الرضا و سألت عن الوکیل فذکر البواب أنه مشتغل فی الدار و أنه یخرج آنفا فقعدت على الباب أنتظر خروجه فخرج بعد ساعة فقمت و سلمت علیه و أخذ بیدی إلى بیت کان له، و سألنی عن حالی و ما وردت له فعرفته أنی حملت شیئا من المال من ناحیة الجبل و أحتاج أن أسلمه بحجة. قال: فقال: نعم ، ثم قدم إلی طعاما و قال لی: تغد بهذا و استرح، فإنک تعبت فان بیننا و بین صلاة الأولى ساعة فانی أحمل إلیک ما ترید، قال: فأکلت و نمت فلما کان وقت الصلاة نهضت و صلیت و ذهبت إلى المشرعة فاغتسلت و نضرت انصرفت إلى بیت الرجل و سکنت إلى أن مضى من اللیل ربعه فجائنی بعد أن مضى من اللیل ربعه، و معه درج فیه. " بسم الله الرحمن الرحیم و افى أحمد بن محمد الدینوری و حمل ستة عشر ألف دینار فی کذا و کذا صرة: فیها صرة فلان بن فلان کذا و کذا دینارا إلى أن عدد الصرر کلها و صرة فلان بن فلان الذراع ستة عشر دینارا". قال: فوسوس إلی الشیطان فقلت: إن سیدی أعلم بهذا منی؟ فما زلت أقرأ ذکره صرة صرة و ذکر صاحبها حتى أتیت علیها عند آخرها ثم ذکر " قد حمل من قرمیسین من عند أحمد بن الحسن المادرائی أخی الصواف کیس فیه ألف دینار، و کذا و کذا تختا من الثیاب منها ثوب فلان و ثوب لونه کذا " حتى نسب الثیاب إلى آخرها بأنسابها و ألوانها. قال: فحمدت الله و شکرته على ما من به علی من إزالة الشک عن قلبی فأمر بتسلیم جمیع ما حملت إلى حیث یأمرنی أبو جعفر العمری قال: فانصرفت إلى بغداد و صرت إلى أبی جعفر العمری قال: و کان خروجی و انصرافی فی ثلاثة أیام. قال : فلما بصر بی أبو جعفر (ره) قال: لِمَ لم تخرج ؟ فقلت: یا سیدی من سر من رأى انصرفت قال: فأنا أحدث أبا جعفر بهذا إذ وردت رقعة إلى أبی جعفر العمری من مولانا صاحب الامر (صلوات الله علیه) و معها درج مثل الدرج الذی کان معی فیه ذکر المال و الثیاب و أمر أن یسلم جمیع ذلک إلى أبی جعفر محمد بن أحمد ابن جعفر القطان القمی فلبس أبو جعفر العمری ثیابه و قال لی: احمل ما معک إلى منزل محمد بن أحمد بن جعفر القطان القمی قال: فحملت المال و الثیاب إلى منزل محمد بن أحمد بن جعفر القطان و سلمتها إلیه و خرجت إلى الحج».[25]

4. روایة محمد بن علی الأسود حیث یقول: «دفعت إلی امرأة سنة من السنین ثوباً و قالت: احمله إلى العمری، فحملته مع ثیاب کثیرة فلما وافیت بغداد أمرنی بتسلیم ذلک کله إلى محمد بن العباس القمی فسلمت ذلک کله خلا ثوب المرأة فوجه إلی العمری و قال: ثوب المرأة سلمه إلیه، فذکرت بعد ذلک أن امرأة سلمت إلی ثوباً فطلبته فلم أجده فقال لی: لا تغتم فإنک ستجده، فوجدته بعد ذلک، و لم یکن مع العمری نسخة ما کان معی».[26]

5. روایة إسحاق بن یعقوب حیث یقول: «صحبت رجلاً من أهل السواد و معه مال للغریم (ع) فأنفذه علیه و قیل له: أخرج حق ابن عمک منه و هو أربعمائة درهم فبقی الرجل باهتاً متعجباً و نظر فی حساب المال و کانت فی یده ضیعة لولد عمه قد کان رد علیهم بعضها و زوى عنهم بعضها فإذا المال الذی نض لهم من ذلک المال أربعمائة درهم کما قال (ع) فأخرجه و أنفذ الباقی فقبل».[27]

6. روایة محمد بن علی بن شاذان حیث یقول: «اجتمع عندی خمس مائة درهم تنقص عشرین درهماً فأنفت أن أبعث بخمس مائة تنقص عشرین درهماً فوزنت من عندی عشرین درهماً و بعثتها إلى الأسدی و لم أکتب مالی فیها، فورد، وصلت خمس مائة درهم لک منها عشرون درهماً».[28]

و بهذه الأخبار الشریفة، و ما کان من الکرامات و الشواهد التی ظهرت فی بدایة الغیبة آمن شیعة الإمام الحسن العسکری بالإمام المهدی (عج) و نیابة عثمان بن سعید. و إن شک الشیعة و حیرتهم فی أمر الإمامة الناشئ عن خفاء الولادة و غیبة الإمام المهدی (عج) أزیلت تماماً من خلال نشاط منظمة الوکالة السریة و ذلک بعد عدة من سنوات الأولى للغیبة الصغرى.

و قد توصل الشیعة إلى أمرین من خلال الکرامات و العلوم الغیبیة للإمام المهدی (عج):

علموا أن مسیرة الإمامة قد رسم منذ زمان الرسول (ص) و علی (ع) و أنه سار فی الطریق الصحیح، و إن الإمامة انتقلت من الإمام الحسن العسکری (ع) إلى ولده الإمام المهدی (عج) و إن الإمام المهدی یدیر أمور الشیعة من خلف ستار الغیبة.

و الأمر الثانی أن منظمة الوکالة السریة التی کانت تمارس دورها منذ زمن الأئمة (ع) ما زالت موجودة و حاضرة فی الساحة و تؤدی نفس الدور، و أن عثمان بن سعید العمری یتولى هذه المؤسسة بتکلیف من الإمام، و علیه فإن الشیعة فی هذه المرحلة آمنوا بوجود الإمام و اطمأنوا إلى النیابة الخاصة.

و بعد وفاة عثمان بن سعید العمری قام ولده محمد بن عثمان بالمسؤولیة بأمر من الإمام المهدی (عج) و لکن بعض الشیعة أصابهم الشک و لکن لیس بوجود الإمام المهدی و إنما بنیابة محمد بن عثمان و قد تلافى الإمام هذا الشک بواسطة إراءة بعض الکرامات و الشواهد حتى اطمأن الشیعة لنیابة محمد بن عثمان باستثناء مجموعة قلیلة عارضت نیابة محمد بن عثمان طلباً للرئاسة و نیل المناصب، و قد ادعوا النیابة زوراً و کذباً، و قد أبطل محمد بن عثمان ادعاءاتهم بواسطة الکرامات و الشواهد الصادقة مما أدى إلى اطمئنان الشیعة إلى نیابة محمد بن عثمان.[29]

و کذلک حدث الأمر نفسه فی زمن نیابة الحسین بن روح حیث أعلن بعض الخواص معارضته و لکنهم تخلوا عن ذلک بعد ظهور الکرامات و الشواهد و قدموا اعتذارهم.[30]

و بعد الحسین بن روح جاءت نیابة أبی الحسن علی بن محمد السمری حیث صدر آخر توقیع فی زمن الغیبة الصغرى، و هذه من الکرامات أیضاً، حیث أصدر الإمام المهدی توقیعاً فی التاسع من شهر شعبان من العام 329 هجری یذکر فیه أبا الحسن علی بن محمد السمری بالآتی: «فإنک میت ما بینک و بین ستة أیام، فأجمع أمرک و لا توص إلى أحد فیقوم مقامک بعد وفاتک، فقد وقعت الغیبة التامة، فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذکره».[31]

و هذه الرسالة دلیل آخر على أحقیة الشیعة و وجود إمام الزمان (عج).

طول العمر بالنسبة لإمام الزمان(عج):

مسألة طول العمر من فروع مسألة (الحیاة) أن حقیقة الحیاة و ماهیتها مجهولة بالنسبة إلى الإنسان و من المحتمل أن لا یتمکن الإنسان من معرفة هذا السر الخفی. فإذا علمنا أن الشیخوخة من أعراض الحیاة أو أنها قانون طبیعی تعرض على کیان الموجود الحی، و إن الموجود الحی یصل إلى مرحلة التلاشی و الموت، فهذا لا یعنی أن هذه الظاهرة غیر قابلة للتخلف و الاستثناء و التأخیر، و على هذا الأساس فقد خطا علم الطب خطوات على طریق إیجاد علاج مؤثر ضد الشیخوخة، و فی نهایة القرن التاسع عشر و بسبب التقدم العلمی انتعشت الآمال بتحقق حیاة أطول و یحتمل أن یتحقق هذا الحلم فی المستقبل القریب و یتحول إلى واقع، و أما بالنسبة لطول عمر الإمام المهدی (عج) و إمکانه العلمی و النظری فلم یبق أی شک أو تردد فی ذلک، فبإمکان الإمام الحجة أن یبقى مدة أطول حینما یستفید من العلم الإلهی و أسالیب الحیاة الطبیعیة و العلمیة و یتغلب على آثار الشیخوخة و عوامل ظهورها.[32]

و من جهة أخرى یوجد الکثیر من المعمرین فی التاریخ البشری، و من أثبتهم حضرة النبی نوح (ع) حیث صرح القرآن الکریم بأنه عاش 950 عام کنبی[33] و قطعاً إن مجموع عمره کان أکثر من ذلک، و کذلک العمر الطویل بالنسبة للخضر فإنه مصداق آخر للعمر الطویل.[34]و[35] و على هذا الأساس یمکن قبول العمر الطویل بالنسبة للإمام، و لا یوجد أی نوع من أنواع الاستبعاد العقلی لذلک.

http://islamquest.net/ar/archive/question/fa582

[1] لأن البرهان و الدلیل العقلی لا یمکن أن یعرف الشخص.

[2] انظر: نهج الولایة، آیة الله حسن زاده الآملی، ص 7و8.

[3] بصائر الدرجات، ص 485، باب 10، ح 3.

[4] کشف القناع، شریف العلماء، ص 148.

[5] نهایة الحکمة، ص 319 و 320.

[6] انظر: تمهید القواعد ص172، تحریر تمهید القواعد، آیة الله جوادی، ص 548- 555.

[7] الرجوع إلى کتاب معرفة الموعود، علی أصغر الرضوانی، ص 267- 283.

[8] ذکر أسماء بعض المحققین الذی یتجاوز عددهم المئة من العلماء من أهل السنة الذی ذکروا ولادة الإمام المهدی (عج) فی کتبهم.

[9] محمد بن طلحة الشافعی فی مطالب السؤل؛ ابن صباغ المالکی فی الفصول المهمة؛ ابن حجر الشافعی فی الصواعق المحرقة؛ و ابن خلکان فی وفیات الأعیان.

[10] منتخب الأثر، ص 398 و 399.

[11] بحار الأنوار، ج 51، ص 161 أیضاً، ص 397.

[12] المصدر نفسه، ص 397.

[13] إثبات الهداة، ج 6، ص 436؛ العدالة العالمیة، ص 103.

[14] بحار الأنوار، ج 52، ص 22.

[15] بحار الأنوار، ج 52، ص 23 و 24.

[16] ینابیع المودة، ص 460؛ بحار الأنوار، ج 52، ص 26.

[17] إثبات الهداة، ج 6، ص 311؛ العدالة العالمیة، ص 107.

[18] ینابیع المودة، ص 46.

[19] العدالة العالمیة، ص 107.

[20] بحار الأنوار، ج 52، ص 25.

[21] ینابیع المودة، ص 449 و 450.

[22] الطرائف فی معرفة مذهب الطوائف، ج 1، ص183- 184؛ حیاة نواب إمام الزمان (عج)، ص93 و 94.

[23] نقلت الروایة بتصرف،انظر الکافی، ج 1، ص 515- 518.

[24] المصدر نفسه، ص 518، ح 5؛ رجال الکشی، ج 2، ص 813.

[25] بحار الأنوار، ج 51، ص300- 302.

[26] المصدر نفسه، ص 335.

[27] المصدر نفسه، ص 326.

[28] الکلینی، الکافی، ج 1، ص 523و 524.

[29] راجع کتاب: بحار الأنوار، ج 51، ص 316 و 336؛ کمال الدین، ص 398.

[30] راجع کتاب: التاریخ السیاسی فی غیبة الإمام الثانی عشر (عج)، جاسم الحسینی، ص 197.

[31] کمال الدین، ص 516، بحار الأنوار، ج 51، ص 361.

[32] الشیعة فی الإسلام، العلامة الطباطبائی، ص 151.

[33] العنکبوت، 14.

[34] کمال الدین، ج 2، ص 385.

[35] مجلة الحوزة، العدد 70-71، بخصوص بقیة الله الأعظم (ع)، ص 46 و ما بعدها.

آیا کوروش بنیانگذار حقوق بشر است؟

 

  کوروش پس از فتح بابل، دستور به ساخت گلنوشته ای داد که معروف به استوانه کوروش بزرگ است. کوروش در این گلنوشته، وعده های شیرینی به مردم مغلوب بابل می دهد، به خدایان آنها ادای احترام می کند و در مدح خود نیز سخنانی می گوید.

 

طرفداران حقوق بشری بودنِ منشور کوروش

  محمّدرضا پهلوی، شاه مخلوع ایران، به سال 1967، در کتاب انقلاب سفید، استوانه کوروش را "نخستین اعلامیه حقوق بشر" نامید. او نوشت: «تاریخ امپراتوری ما، با اعلامیه کوروش آغاز شد، که به خاطر دفاعش از اصول انسانی، عدالت و آزادی، باید به عنوان یکی از عالیترین اسناد در تاریخ بشریت شناخته شود.»[1] او همچنین کوروش را نخستین قانونگذار در مسائل "آزادی اندیشه و سایر قوانین اوّلیه" توصیف کرد.[2] وی، در سال 1968، نخستین کنفرانس ملل متحد پیرامون حقوق بشر در تهران را با گفتن اینکه استوانه کوروش، منادیِ اعلامیه مدرن حقوق بشر بود، آغاز کرد. استوانه یک نشانِ ایدئولوژی سیاسی شاه بود و هنوز از سوی برخی مفسرین، با وجود مخالفت برخی تاریخدانان و پژوهشگران، به عنوان اوّلین منشور حقوق بشر شناخته می شود.[3]

  نگرشهای مشابه این نگرش را، کم بیش حسن پیرنیا و هیراد ابطحی نیز دارند و سلطنت طلبان و وطن پرستان متعصب، همواره در نشر این نگرش بشر دوست از کوروش، تلاش می کنند.

  در سطح بین المللی نیز، تجلیلهایی از این استوانه از سوی سازمان ملل و موزۀ بریتانیا، شده است.

  چیزی که نباید فراموش شود این است که شاه مخلوع در شرایطی این بحث را مطرح کرد که ظلم و ستمهای سرویسهای اطلاعاتی و امنیتی اش بر مخالفین رژیم، اعتراضاتی را به همراه داشت و او سعی کرد با بیان اینکه حقوق بشر ریشه در ایران دارد، ذهن معترضین را منحرف کند.

 

 

نظر تاریخدانان و پژوهشگران

  تفسیر استوانه به عنوان یک "منشور حقوق بشر"، توسط برخی تاریخدانان، نادرست و مغرضانه توصیف شده است.[4] [5] [6] [7] این مسئله به عنوان یک "سوءتفاهم" رد شده است[8] و به عنوان یک تبلیغ سیاسی که توسط رژیم پهلوی اختراع شده، توصیف گشته است.[9]

  تاریخدان آلمانی، ژوزف ویسِهُفِر[10] می گوید که تجسم کردنِ کوروش به عنوان قهرمان حقوق بشر، به اندازۀ "انسانیت و روشنفکری شاه پارس" غیرواقعی است.[11]

  د.فِیرچیلد راگلِس[12] و هلین سیلورمن[13]، هدف شاه را از این ادعا، آغاز مشروع نشان دادنِ ملت ایران و حکومت خودش، و مقابله با انعکاس بنیادگرایی اسلامی، از طریق روایتهای جایگزین که ریشه در تاریخ ایران باستان دارند، توصیف کردند.[14]

  س.ب.ف.واکر[15] می گوید: «کاراکتر اصلی استوانه کوروش اعلامیه حقوق بشر یا آزادی مذهبی [نیست] بلکه به سادگی یک گلنوشته در سنت بابلی و هخامنشی است، که استقرار کوروش در شهر بابل و پیش از آن، غفلت نبونیدوس از پرستش مردوک را یادآوری می کند.»[16]

  دو پروفسور متخصص در تاریخ شرق نزدیک باستان، بیل.ت.آرنولد[17] و پیوتر میچالوفسکی[18] می نویسند: «عموماً، این به کتیبه های بنیادین دیگر متعلق است، این به هیچ وجه یک فرمان نیست، هیچ اعلامیه حقوق بشر غیرمعمولی را، که گاهی ادعا می شود، فراهم نمی آورد.»[19]

  لوید لولین جونز[20] از دانشگاه ادینبورگ[21] می نویسد که "هیچ چیز در متن نیست" که به مفهوم حقوق بشر اشاره کند.[22]

  نیل مک گریگور[23] می نویسد: «مقایسه [استوانه کوروش] با متنهای مشابه دیگر، توسط پژوهشگران در موزۀ بریتانیا، نشان داده است که قوانین در عراق باستان، اعلامیه های قابل مقایسه ای بر کامیابی سریر [بابلی] برای دو هزاره قبل از کوروش ساخته بودند... این یکی از کارهای موزه است که با محدود کردنِ معنای چیزها و تخصیص آنها به یک بحث سیاسی، مخالفت کند.»[24] او اخطار می کند که در حالی استوانه "آشکارا به تاریخ ایران پیوند زده می شود"، که آن "در هیچ مفهوم حقیقی، یک سند ایرانی نیست. آن بخشی از تاریخ بسیار بزرگتر شرق نزدیکِ باستان، پادشاهی بین النهرین و پراکندگی یهود، است."[25]

    و.ج.تالبوت، فیلسوف آمریکایی، هر چند پیرامون کوروش، می گوید: «گویا، کهنترین طرفدار تحمل مذهبی است» در عین حال اظهار می کند: «ایده هایی که منجر به گسترش حقوق بشر می شوند، محدود به یک سنت فرهنگی نیستند.»[26]

 

ملاحظاتی چند

1.هر چند در جهان امروز، تحمل نظر مخالف یک ارزش والا محسوب می شود، ولی بد نیست بدانیم چنین خصلتی را ایلخانان مغول نیز داشتند، و یکی از دورانی که شیعیان توانستند نفس راحتی از آزار و اذیت اهل سنت بکشند، همین دوران حکومت مغولها بود! آیا این باعث می شود که ما فراموش کنیم که مغولها چه رفتار ظالمانه ای داشتند؟ به طور مشابه حکومت استعمارگر انگلستان نیز با وجود اینکه خون بسیاری از ملل را می مکید، به مقدّسات مذهبی آنها احترام می گذاشت.

2.باید توجه داشت که یک جهانخوار، برای خودش هدفی دارد و با وارد کردن هدفهای جدید رسیدن خود به هدف اصلی را به تأخیر نمی اندازد، پس اگر یک جهانخوار به دنبال تغییر دین مردم یا برتری دادنِ نژادی بر نژاد دیگر نبود، به معنای روشنفکری او نیست. وقتی حکومت استعمارگر، از هخامنشی گرفته تا انگلستان و آمریکا، هدفش تسلط بر سرزمینهاست، باید مناقشات قومی و مذهبی را کنار بگذارد تا بهتر بتواند به فتح و فتوح بپردازد. چنین آزادیهای مذهبی را حکومت عثمانی نیز بعد از فتوحات برقرار می کرد، چنانکه یکی از دلایل پیشرفت عثمانی در فتوحات اروپایی را همین خط مشی آزاداندیشانه نسبت به دین مردم مناطق مفتوحه، دانسته اند.

3.جنگ افروزیهای کوروش، تا زمان خودش سابقه ای در تاریخ ندارد. این حجم از جنگهای پیاپی، را تاریخ پیش از کوروش نمی شناسد. او ابتدا به ماد لشکر کشید، سپس مورد هجوم لیدی قرار گرفت و آنرا شکست داد و لیدی و آسیای صغیر را تسخیر نمود، بعد بر اساس نوشتار گزنفون، به ارمنستان حمله برد، و سپس به بابل لشکر کشید، و در نهایت هم سکائیه آخرین جایی است که تواریخ به هجوم کوروش به آنجا اشاره دارند و عملاً او تا آخر عمر در حال لشکرکشی و جنگ بود. آیا این همه جنگ و آشوب، و بر هم زدن صلح ملل و گرفتن استقلال ملتها و حل کردن تمدنهای دیگر در تمدنِ خود، برخلاف حقوق بشر و انسان دوستی نیست؟

4.نکته ای که نباید از قلم بیفتد این است که در این فتوحاتِ کوروش انسانهای بسیاری کشته می شدند، زنان بسیاری بیوه و کودکان بسیاری یتیم می گشتند، و تنها جرمی که می توان برای آنها رقم زد، دفاع از تمامیت ارضی سرزمینشان و نپذیرفتن حکومت جاه طلبانه کوروش است. آیا قتل این انسانها، و بیوه و یتیم کردن زنها و کودکان، برخلاف حقوق بشر و انسان دوستی نیست؟

5.اگر به سخنان جهانخوارگان جهان دقت کنیم، خواه هیتلر باشد، خواه رهبر شوروی یا رئیس جمهور آمریکا، سخنان آنها از سخنان شیرین و وعده های سر خرمن پُر است. اینکه پادشاهی یک چنین وعده هایی را برای آرام کردن دل مردمی که استقلالشان را گرفته و بسیاری از مردانشان را کشته است، مطرح کند و در گلنوشته ای ثبت نماید، به معنای این نیست که او الزاماً به این امور اعتقاد راسخی هم داشته و به آنها عمل می کرده است.

 



[1] محمد رضا پهلوی، انقلاب سفید(1967)، صفحه 9.

[2] همان.

[3] Ansari, Ali (2007). Modern Iran: The Pahlavis and After. Harlow: Longman. ISBN 1-4058-4084-6. , pp. 218–19.

[4] Daniel, Elton L. (2000). The History of Iran. Westport, CT: Greenwood Publishing Group. ISBN 0-313-30731-8. p. 39.

[5] Briant, Pierre (2006). From Cyrus to Alexander: A History of the Persian Empire. Winona Lake, IN: Eisenbraun. ISBN 978-1-57506-120-7. p. 43.

[6] Llewellyn-Jones, Lloyd (2009). "The First Persian Empire 550–330BC". In Harrison, Thomas. The Great Empires of the Ancient World. Getty Publications. p. 104. ISBN 978-0-89236-987-4. p. 104.

[7] Curtis, John; Tallis, Nigel; André-Salvini, Béatrice (2005). Forgotten Empire: The World of Ancient Persia. Berkeley: University of California Press. ISBN 0-520-24731-0. p. 59.

[8] Mitchell, T.C. (1988). Biblical Archaeology: Documents from the British Museum. London: Cambridge University Press. ISBN 0-521-36867-7. p. 83.

[9] Kuhrt, Amélie (1983). "The Cyrus Cylinder and Achaemenid imperial policy". Journal for the Study of the Old Testament (Sheffield: University of Sheffield. Dept. of Biblical Studies) 25. ISSN 1476-6728. pp. 83–97.

[10] Josef Wiesehöfer.

[11] Wiesehöfer, Josef (1999). "Kyros, der Schah und 2500 Jahre Menschenrechte. Historische Mythenbildung zur Zeit der Pahlavi-Dynastie". In Conermann, Stephan. Mythen, Geschichte(n), Identitäten. Der Kampf um die Vergangenheit (in German). Schenefeld/Hamburg: EB-Verlag. ISBN 3-930826-52-6. pp. 55–68.

[12] D. Fairchild Ruggles.

[13] Helaine Silverman.

[14] Silverman, Helaine; Ruggles, D. Fairchild (2008). Cultural Heritage and Human Rights. Springer. p. 11.

[15] C.B.F. Walker.

[16] Walker, C.B.F. (1972). "A recently identified fragment of the Cyrus Cylinder". Iran : journal of the British Institute of Persian Studies (10). ISSN 0578-6967. pp. 158–159.

[17] Bill T. Arnold.

[18] Piotr Michalowski.

[19] Arnold, Bill T.; Michalowski, Piotr (2006). "Achaemenid Period Historical Texts Concerning Mesopotamia". In Chavelas, Mark W. The Ancient Near East: Historical Sources in Translation. London: Blackwell. ISBN 0-631-23581-7. pp. 426–430.

[20] Lloyd Llewellyn-Jones.

[21] Edinburgh.

[22] Llewellyn-Jones, Lloyd (2009). "The First Persian Empire 550–330BC". In Harrison, Thomas. The Great Empires of the Ancient World. Getty Publications. p. 104. ISBN 978-0-89236-987-4. p. 104.

[23] Neil MacGregor.

[24] http://www.livius.org/a/1/inscriptions/cyrus.pdf

[25] همان.

[26] Talbott, W.J. Which Rights Should be Universal? Oxford University Press US, 2005. ISBN 978-0-19-517347-5.  p. 40.

الشبهة حول اعجاز القرآن

لقد اثيرت حول اعجاز القرآن الكريم - من قبل المستشرقين والمبشرين - شبهات كثيرة نظراً لاهمية هذا البحث وعظمه الاهداف التي يحققها. وقد عرفنا في بحث اعجاز القرآن الادلة التي يمكن ان نستنتج منها أَن القرآن الكريم ليس صنعة بشرية وانما هو وحي الهي، ولم تكن الادلة السابقة تعتمد في الوصول الى هذه النتيجة ملاحظة الاسلوب البلاغي للقرآن الكريم. ولكن الاسلوب البلاغي للقرآن الكريم كان ولا زال احد الاسس المهمة التي اعتمدها الباحثون لاثبات اعجاز القرآن. وسوف نرى في أكثر الشبهات الآتية ان نقد القرآن الكريم فيها يعتمد على ملاحظة الاسلوب البلاغي له فحسب لغرض اسقاط هذا الدليل الذي يعتمد عليه أحياناً في اثبات اعجاز القرآن.

ويمكن تقسيم الشبهات الآتية الى قسمين رئيسين : الاول الشبهات التي تحاول ان تبرز جانب النقص والخطأ في الاسلوب والمحتوي القرآني، والثاني الشبهات التي تحاول ان تثبت ان القرآن الكريم ليس معجزة لقدرة البشر على الاتيان بمثله.

القسم الاول من الشبهات حول اعجاز القرآن :

 

الشبهة الاولى :

ان الاعجاز القرآني يرتكز بصورة رئيسية على الفصاحة والبلاغة القرآنية ونحن نعرف ان العرب قد وضعوا قواعد واسساً للفصاحة

والبلاغة والنطق تعتبر هي المقياس الرئيسي في تمييز الكلام البليغ من غيره. وبالرغم من ذلك نجد في القرآن الكريم بعض الآيات التي لا تنسجم مع هذه القواعد بل تخالفها الامر الذي يدعونا الى القول بأن القرآن الكريم ليس معجزاً لانه لم يسر على نهج القواعد العربية واصولها. وتسرد الشبهة بعض الامثلة لذلك.

ويمكن ان تناقش هذه الشبهة بأسلوبين رئيسيين :

الاول : ملاحقة الامثلة والتفصيلات التي تسردها الشبهة وبيان انطباقها مع القواعد العربية المختلفة وانسجامها معها. وملاحظة شتى القراءات القرآنية التي يتفق الكثير منها مع هذه القواعد، بالشكل الذي لا يبقي مجالاً لورود الشبهة عليها. وقد قام العلامة البلاغي بجانب من ذلك(1).

الثاني : مناقشة أصل الفكرة التي تقوم عليها الشبهة ومدى امكان الاعتماد عليها في الطعن باعجاز القرآن وهذا ما سوف نقوم به في هذا البحث وذلك بملاحظة الامرين التاليين :

أ - ان تأسيس قواعد اللغة العربية كان في وقت متأخر على نزول القرآن الكريم وفي العصور الاولى للدول الاسلامية بعد ان ظهرت الحاجة اليها بسبب التوسع الاسلامي الذي أدى الى اختلاط العرب بغيرهم من الشعوب. وقد كان الهدف الرئيسي لوضع هذه القواعد هو الحفاظ على النص القرآني ولغته. وقد اتبعت في استكشاف هذه القواعد طريقة ملاحظة النصوص العربية الواردة قبل هذا الاختلاط أو التي لم تتأثر به. فلم تكن عملية وضع القواعد عملية تأسيس واختراع من قبل واضعي اللغة العربية وانما هي عملية استكشاف لما كان العرب يتبعه من أساليب في البيان

والنطق خلال كلامهم ولذا كان الكلام العربي الاصيل هو الذي يتحكم في صياغة القاعدة وتفصيلاتها.

ولا شك ان القرآن الكريم كان أهم تلك المصادر التي اعتمد عليها واضعو هذه القواعد في صياغتها وتأسيسها لانه اوثق المصادر العربية والكلام البليغ الذي بلغ القمة.

وعلى هذا الاساس التاريخي لوجود قواعد اللغة العربية يجب ان يكون الموقف تجاهها ان نجعل القرآن هو القياس الذي يتحكم في صحتها وخطئها لا ان نجعل القواعد مقياساً نحكم به على القرآن. لان القاعدة العربية وضعت على ضوء الاسلوب القرآني فاذا ظهر انها خلاف هذا الاسلوب، يكشف ذلك عن وقوع الخطأ في عملية استكشاف القاعدة نفسها.

ب - ثم اذا لاحظنا موقف العرب المعاصرين للقرآن الكريم - وهم ذوو الخبرة والمعرفة الفائقة باللغة العربية - وجدناهم قد اذغنوا واستسلموا للبلاغة القرآنية وتأثروا بها وذلك ايماناً منهم بانه يسير على أدق القواعد والاساليب العربية في البيان والتعبير، ولو كان في القرآن الكريم ما يتنافى مع قواعد اللغة العربية وأصولها لكان من الجدير بهؤلاء الاعداء ان يتخذوا ذلك وسيلة لنقد القرآن ومنفذاً للطعن به.

 

الشبهة الثانية :

ان القرآن قد تحدث عن قصص الانبياء كما تحدثت الكتب الدينية الاخرى كالتوراة والانجيل عنها وعند المقارنة بين ما ذكره القرآن وما ورد في التوراة والانجيل نجد القرآن يخالف تلك الكتب في حوادث كثيرة ينسبها الى الانبياء واممهم الامر الذي يجعلنا نشك في ان يكون مصدر القرآن الوحي الإلهي لسببين :

الاول : ان هذه الكتب من الوحي الالهي الذي اعترف به القرآن واذا كان القرآن وحياً الهياً أيضاً فلا يمكن ان يناقض الوحي نفسه في الاخبار عن حوادث تاريخية واقعية.

الثاني : ان هذه الكتب لازالت تتداولها امم هؤلاء الانبياء وهم بطبيعة ارتباطهم الديني والاجتماعي بأنبيائهم لابد وان يكونوا أدق اطلاعاً على أحوالهم من القرآن الذي جاء في امة ومجتمع منفصل عن تاريخ هؤلاء الانبياء.

وهذه الشبهة - كسابقتها - لا يمكن ان تصمد للمناقشة اذا عرفنا ان هذه الكتب الدينية قد تعرضت للتحريف والتزوير - كما سوف نتعرض الى ذلك في بحث مستقل - وكان أحد أسباب التحريف هو الانفصال التأريخي الذي وقع بين الانبياء واممهم الامر الذي جعلهم غير قادرين على الاحتفاظ الديني. وقد أشار القرآن الكريم الى هذه الحقيقة عند حديثه عن امم هؤلاء الانبياء والجماعات التي نزلت فيهم هذه الكتب.

بالاضافة الى ان ملاحظة محتوى الخلاف بين القرآن الكريم والكتب الدينية الاخرى يدعونا بنفسه للايمان بصدق القرآن الكريم، بعد ان نجد التوراة والانجيل يذكران في قصص هؤلاء الانبياء مجموعة من الخرافات والاوهام يتجاوزها القرآن الكريم، وينسبان الى الانبياء اعمالاً ومواقف لا يصح نسبتها اليهم ولا تليق برسل اللّه والقوّام على شريعته ودينه بل لا تليق بمصلحين عاديين من عامة البشر كما يتبين ذلك بوضوح عند المقارنة بين القرآن والكتب الدينية الاخرى(۲).

وقد عرفنا في بحث اعجاز القرآن ان احدى النقاط المهمة التي يظهر فيها اعجاز القرآن الكريم عرضه لقصص الانبياء وحوادثهم بشكل

يبعث اليقين في نفوسنا ان مصادر هذا العرض ليست هي الكتب الدينية، ثم يأتي هذا العرض منسجماً ومؤتلفاً مع النظرة الواقعية للأنبياء والرسل الامر الذي يدلل على أنّ مصدره هو الوحي الإلهي.

 

الشبهة الثالثة :

ان اسلوب القرآن في تناول الافكار والمفاهيم وعرضها لا ينسجم مع أساليب البلاغة العربية ولا يسير على الطريقة العلمية في المنهج والعرض وذلك لانه يجعل المواضيع المتعددة متشابكة بعضها مع بعض فبينما يتحدث القرآن في التاريخ ينتقل الى موضوع آخر من الوعد والوعيد والحكم والامثال والاحكام وغير ذلك من الجهات فلا يجعل القارئ قادراً على الالمام بالافكار القرآنية، مع ان الموضوعات القرآنية لو كانت معروضة على شكل فصول وموضوعات مستقلة لكانت الفائدة المترتبة عليه أعظم والاستفادة منه أسهل وكان العرض منسجماً مع الاسلوب العلمي المنهجي الصحيح.

وتناقش هذه الشبهة على أساس النقطتين التاليتين :

الاولى : ان القرآن الكريم ليس كتاباً علمياً ولا كتاباً مدرسياً فهو ليس كتاب فقه أو تاريخ أو أخلاق وانما هو كتاب هداية وتربية وهدفه الاساس هو احداث التغيير الاجتماعي. والاسلوب القرآني خضع لهذا الهدف في طريقة العرض وفي التدرج في النزول وفي غير ذلك من الظواهر القرآنية كوجود الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه. وهذه الطريقة في العرض من الخصائص البارزة في القرآن الكريم التي خضعت لهذا الهدف للتمكن من إحداث التأثير المطلوب في نفسية الانسان المعاصر لنزول القرآن، بل ولكل انسان يستمع للقرآن الكريم أو يقرأه.

والنتائج العظيمة التي حققها القرآن الكريم في المجتمع الجاهلي أفضل شاهد على انسجام هذا الاسلوب مع الهدف الاساس للقرآن الكريم.

الثانية : ان هذه الطريقة في العرض يمكن ان تعتبر احدى الميزات التي يتجلى فيها الاعجاز القرآني بصورة أوضح فانه بالرغم من هذا التشابك في الموضوعات تمكن القرآن الكريم من الاحتفاظ بجمال الاسلوب وقوة التأثير وحسن الوقع على الاسماع والنفوس الامر الذي يدلل على براعة متناهية وقدرة عظيمة على عرض الموضوعات وطرح الافكار.

 

الشبهة الرابعة :

لا شك ان ذوي القدرة والمعرفة باللغة العربية يتمكنون من الاتيان بمثل بعض الكلمات القرآنية. وحين تتوفر هذه القدرة في بعض الكلمات فمن المعقول ان تتوفر أيضاً في كلمات أخرى. وهذا ينتهي بنا الى ان نجزم بوجود القدرة على الاتيان بسورة أو أكثر من القرآن الكريم لدى امثال هؤلاء لان من يقدر على بعض القرآن يمكن ان نتصور فيه القدرة على الباقي بشكل معقول.

والمناقشة في هذه الشبهة واضحة :

لان الاعجاز القرآني يتمثل في جانبين رئيسين - كما اشرنا سابقاً - جانب الاسلوب والتركيب البياني وجانب المضمون والمحتوى والافكار. وفي كل من الجانبين لا مجال لهذا الوهم والخيال.

اما في جانب المضمون فمن الواضح ان القدرة على اعطاء فكرة أو فكرتين لا يعني القدرة على اعطاء هذا المقدار الكبير المنسجم من الافكار والمفاهيم وفي نفس الظروف الموضوعية والذاتية التي جاء فيها القرآن الكريم. والتحدي الذي شرحناه في بعض أبحاثنا السابقة كان ضمن الظروف الخاصة التي عاشها النبي محمد (ص) وجاء فيها القرآن الكريم.

واما في جانب الاسلوب فان القدرة على جملة أو مقدار من الكلمات لا يعني القدرة على تمام التركيب بعناصره المتعددة التي لا يمكن ان توجد

أو تتوفر الا ضمن التركيب بكامله. وهذا شيء واضح لا يحتاج الى برهان، فاننا ندرك بوجداننا الحياتي انّ كثيراً من الناس يملكون قدرة النطق ببعض الكلمات العربية ولكن ذلك لا يعني انهم قادرون على ان يكونوا خطباء أو أدباء أو شعراء ويتمتعون بالبلاغة والفصاحة. كما انّ كثيراً من الناس يتمكّنون من القيام ببعض الاعمال البسيطة ولكنّهم غير قادرين على القيام بالمشاريع الضخمة التي تتركب من تلك الاعمال البسيطة كمشاريع البناء والصناعة والفن.

الصرفة في الإعجاز القرآني :

ولعلّ هذه الشبهة أو الوهم هو الذي أدّى بجماعة من متكلمي المسلمين - كالنظام ومدرسته - الى ان يفسروا ظاهرة الاعجاز القرآني بانَّها نحو من الصرفة. حيث يمكن ان يكون قد وجدوا - نتيجة الانطلاق من هذا الوهم - انَّ القدرة على الاتيان بمثل القرآن الكريم متوفرة ولكن عدم توفر أشخاص يأتون بمثل القرآن كانت نتيجة لتدخل اِلهي مباشر (صرفهم) عن المعارضة والمباراة.

ولكن هذا التفسير لظاهرة الاعجاز واضح البطلان اذا كان يريدون من توفر القدرة عند بعض الناس وجودها فعلاً لديهم ولكن اللّه صرف اذهانهم عن ممارستها. وذلك :

1 - لان محاولة المعارضة قد وقعت من بعض الناس وانتهت الى الفشل والخيبة كما تحدثنا بذلك كثير من النصوص التاريخية وتدل عليه بعض الوقائع في العصر القريب من قبل بعض المبشرين.

2 - ان صرف الاذهان انما يفترض بعد نزول القرآن الكريم ومن اجل التأكد من الاعجاز القرآني ليس علينا الا مقارنة القرآن بالنصوص العربية السابقة على وجوده وملاحظة مدى الامتيازات المتوفرة فيه دونها.

نعم اذا كان يريد القائلون بالصرفة ان اللّه سبحانه له القدرة على ان

يهب انساناً ما قدرة على الاتيان بمثل القرآن ولكنه لم يفعل.. فهذا لا يعني انّ القرآن الكريم ليس بمعجزة لانّ الهدف الرئيسي من المعجزة دلالتها على ارتباط صاحبها باللّه وما دامت القدرة عليها مرتهنة بالتدخل الإلهي فلابد ان تكون لها هذه الدلالة. وعنصر التحدي في مثل هذه المعجزة يكون موجوداً مادامت ليست تحت قدرة الانسان الاعتيادي بالفعل. وهذا الشيء من الممكن ان يدعى في كل معجزات الأنبياء أو المعجزات التي يمكن ان نتصورها.

 

الشبهة الخامسة :

إنّ النقطة الاساسية التي يستند اليها الاعجاز القرآني هو عدم قدرة العرب على معارضته رغم تحدي القرآن الكريم لهم مرة تلو الاخرى. ولكن هل أنّ العرب حقيقة لم يكونوا قادرين على معارضته ؟! أو أنّ اسباباً اخرى خارجية هي التي منعتهم عن تحقيق هذه المعارضة ؟!.

وتفرض الشبهة - بصدد الجواب عن هذا التساؤل - عوامل معينة منعتهم عن تحقيق هذه المعارضة وهذه العوامل هي : -

انّ العرب الذين عاصروا الدعوة أو تأخروا عنها بزمن قليل لم يعارضوا القرآن الكريم خوفاً على انفسهم وأموالهم من المعارضة بسبب سيطرة المسلمين الدينية على الحكم. ومحاربتهم كل من يعادي الاسلام او يظهر الخلاف معه. ولا شك انّ معارضة القرآن تعتبر في نظر الحكم من أبرز أنحاء العداء والمخالفة.

وحين انتهت السلطة الى الامويين الذين لم يكونوا مهتمين بالحفاظ على الاسلام والالتزام به الامر الذي كان يفسح المجال لمن يريد ان يعارض القرآن الكريم ان يظهر معارضته.. كان القرآن في ذلك الحين قد أصبح

أمراً معروفاً في حياة الامة مألوفاً لديها بأسلوبه وطريقة عرضه بسبب رشاقة ألفاظه ومتانة معانيه فانصرف الناس عن التفكير بمعارضته لانه أصبح من المرتكزات الموروثة لهم.

ويمكن مناقشة هذه الشبهة بملاحظة النقاط التالية :

اولاً : ان تحدي القرآن الكريم للمشركين كان منذ بداية الدعوة وفي الفترة التي كان الاسلام فيها ضعيفاً تجاه قوة المشركين. وبالرغم من ذلك لم يستطع احد من بلغاء العرب ان يقوم بهذه المعارضة.

ثانياً : ان سيطرة الاسلام في اواخر عصر النبي (ص) وعصر الخلفاء الاربعة الذي جاءوا الى الحكم من بعده لم تكن تعني منع الكفار من اظهار كفرهم. فقد اقر الاسلام جماعات من الكفار على ديانتهم كما حدث ذلك لاهل الكتاب حيث كانوا يعيشون في ظل الدولة الاسلامية في طمأنينة ورفاهية لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم. فلو كان واحد من هؤلاء قادراً على الاتيان بمثل القرآن الكريم لتصدى لمعارضته والانتصار لديانته على الاسلام.

ثالثاً : ان افتراض الخوف من المعارضة نتيجة للسيطرة الاسلامية انما يمنع من اظهار المعارضة للقرآن الكريم واعلانها. واما المعارضة السرية فقد كان من الممكن ان تتم ضمن الحدود الخاصة للمعارضين من اصحاب هذه الديانات دون ان تكون لها نتائج مضادة ولو كان من الممكن بمثل القرآن الكريم لامكن لهؤلاء ان يعارضوه ثم ينتظروا الفرصة السانحة لاظهار هذه المعارضة. خصوصاً اذا لاحظنا ان اهل الكتاب لازالوا يحتفظون بمجموعة من النصوص الدينية ويتداولونها مع أنها تتعارض مع القرآن الكريم.

رابعاً : من الملاحظ عادة ان الكلام مهما بلغ من رتبة عالية في البلاغة ومتانة الاسلوب وقوته فانّه يصبح كلاماً عادياً اذا تكرر سماعه ولذلك نرى القصيدة البليغة تصبح عادية عندما يتكرر القاؤها عدة مرات بحيث قد تبدو قصيدة اخرى اقل منها بلاغة انها ابلغ منها بسبب عدم تكرارها. وهذا يعني انّ الالفة والانس بالقرآن الكريم - لو كان كلاماً عادياً - تدعو الى ان يصبح ايسر على المعارضة والاتيان بمثله لا ان ينصرف الناس عن التفكير بمعارضته نتيجة لأُنسِهم به بالرغم من تحديه المستمر لهم وتعاليهم عليه.

 

الشبهة السادسة :

ان القرآن ليس معجزة وان كان يعجز جميع البشر عن الاتيان بمثله لأن المعجزة يجب ان تكون صالحة لأن يتعرف جميع الناس على جوانب التحدي فيها لأنّها دليل النبوة التي يراد بواسطتها اثبات النبوة لهم. والكلام البليغ لا يكفي في اعجازه عجز الناس عن الاتيان بمثله لا من معرفة جوانب التحدي والاعجاز فيه، من بلاغته وسمو التعبير فيه لا تتوفر الا للخاصة منهم الذين يمارسون الكلام العربي ويعرفون دقائق تركيبه وميزاته.

ويمكن ان تناقش هذه الشبهة بالمناقشات التالية :

الاولى : ان هذه الشبهة تتضمن في الحقيقة اعترافاً بالاعجاز القرآني الا انّها تحاول التهرب من ذلك باعطاء المعجزة طابعاً خاصاً يرتبط بمدى دلالتها على دعوى النبوة. فالشبهة لا تناقش الاعجاز من ناحية النقص في التركيب والمضمون القرآني وعدم ارتفاعه الى مستوى التحدي وانما تناقشه من زاوية قدرة الناس على فهم هذا الاعجاز واستيعابه.

الثانية : ان طريق الايمان بالمعجزة لا يتوقف على معرفتها عن طريق التجربة الشخصية المباشرة لها وانّما يمكن ان يتحقق عن طريق معرفة

ذوي الاختصاص والخبرة من الناس، الشيء الذي يجعلنا نصدق بالمعجزة، وهذا هو السبيل الوحيد لايماننا بكثير من حقائق الكون وخصائص عالم الطبيعة حيث يحصل لنا اليقين بها عن طريقة معرفة ذوي الاختصاص واخبارهم لنا بذلك بشكل لا يداخله الريب او الشك.

فحين يقف العرب اجمع وذوو الاختصاص من الدارسين والعلماء باتجاهاتهم المختلفة امام القرآن الكريم ويعترفون بخصائصه الاعجازية لا يبقى امامنا شك في اعجاز القرآن وارتباطه بالسماء.

الثالثة : ان فكرة الاعجاز في القرآن الكريم من الممكن ان تشرح وتوضح على نطاق واسع وليس ذلك مما يتعسر فهمها فيفهمها الناس على حدّ سواء، العربي منهم وغير العربي وذوو الاختصاص وغيرهم لان اعجاز القرآن لا يختص بالجانب البلاغي من اسلوبه بل هو المعجزة الخالدة التي لا تفنى والتي لا تختص بامة دون اخرى.

وقد اشرنا الى بعض الجوانب في الاعجاز القرآني التي لا ترتبط باسلوبه وبلاغته في ابحاثنا السابقة من علوم القرآن(۳).

 

http://al-shia.org/html/ara/books/lib-quran/olum_quran/a20.html

______________________________

(1) الهدى الى دين المصطفى : 1/330.

(۲) يمكن مراجعة كتاب الهدى الى دين المصطفى للبلاغي ج 2 في هذه المقارنة.

(۳) منهج السنة الاولى من محاضرات علوم القرآن الكريم (كلية اصول الدين) اعتمدنا بصورة رئيسية في عرض الشبهات ومناقشتها على دراسة السيد الخوئي دام ظله في كتابه البيان في تفسير القرآن.

الشبهات اللغوية حول القرءان

وليد كمال شكر

 

 

يعترض النصرانى على القرآن ، ببعض آياته التى أتت على غير الشائع نحوياً ، يظن واهماً أن ذلك ينقص من شأن الكتاب العزيز .

فكيف يكون رد المسلم على ذلك ؟

عادة ما يلجأ المسلم إلى أقوال علماء النحو واللغة ، وفيها تخريجات نحوية للإشكال المتوهم فى الآية ، وغالباً ما يشير ـ العالم ـ إلى أن الإشكال المتوهم هو لغة جائزة عند العرب .

كل هذا جميل ورائع ، لكن هناك شىءعلينا أن نعيه أولاً ، ثم نعلمه للنصارى ثانياً.

إن النصارى يحاكمون القرآن العظيم إلى منهج القواعد النحوية للصف الثالث الإعدادى !يظنون أن القواعد النحوية حاكمة على القرآن ! وهذا جهل فاضح بنشأة علم النحو . إن علم النحو ليس علماً عقلياً ، بمعنى أن سيبويه ـ مثلاً ـ لم يعتمد على التفنن العقلى فى تقرير قواعد النحو .

بل إنه علم مبنى على الاستقراء

. فسيبويه ـ مثلاً ـ أخذ يحلل كل النصوص الواردة عن العرب ، من شعر وخطابة ونثر
غير ذلك ، فوجد أنهم ـ العرب ـ دائماً يرفعون الفاعل فى كلامهم ، فاستنبط من ذلك قاعدة " الفاعل مرفوع " .. وهكذا نتجت لدينا " قاعدة نحوية " تسطر فى كتب النحو ، ليتعلمها الأعاجم فيستقيم لسانهم بالعربية إذا جرت عليه .

فلو كان سيبويه وجد العرب ينصبون الفاعل ، كنا سنجد كتاب القواعد النحوية فى الصف الثالث الإعدادى ، يخبرنا بأنه يجب علينا نصب الفاعل كلما وجدناه!

إن علم النحو مبنى على الاستقراء .. " القواعد النحوية " مستنبطة من " استقراء " صنيع العرب فى كلامهم . إذا فهمت هذه النقطة قارئى الكريم ، سيسهل عليك ـ إن شاء الله ـ فهم ما بعدها

وهو أن العرب لم تكن كلها لهجة واحدة ، ولم تكن كلها تسير على نفس القواعد النحوية ذاتها ، ولم تكن تلتزم كل قبيلة منها بنفس المعاملات النحوية .

إن قبائل العرب لم تكن تسير فى كلامها على منهج النحو للصف الثالث الإعدادى !

وليس معنى ذلك أنه كان لكل قبيلة " نحوها " الخاص بها .. كلا .. وإنما اشتركت كل قبائل العرب فى " معظم " القواعد النحوية المشهورة الآن .. لكنها ـ أبداً ـ لم تجتمع على " كل " تلك القواعد بعينها . لعلك أدركت الآن ـ قارئى الكريم ـ أن دائرة الخلاف فى التعاملات النحوية بين القبائل العربية كانت صغيرة ، لكنها واقعة لا سبيل إلى إنكارها

(( نقلا عن شبكة الحقيقة الإسلامية ))

ويمكن تلخيص ما ذكروه فى هذا الجانب فى النقاط التالية :-

أولا:-ما جاء في القرآن من ألفاظ غير عربية كأسماء الأنبياء السابقين و بعض الأسماء المستعارة من لغات أخرى مثل: استبرق، جهنم، ماعون، سندس، مشكاة هل يقدح في عربية القرآن وبلاغته.

و يرد الألوسي

1- بأن وجود كلمات يسيرة لا تتجاوز الثلاثين غير عربية في القرآن أو في كلام عربي لا تخرجه عن عروبته .

2- هذه الألفاظ ، و إن كانت في أصولها غير عربية فإن العرب عربتها بألسنتها فصارت عربية، و كان الإمام الشافعي يمنع أن تكون أصول هذه الكلمات أعجمية ، بل يراها عربية وإن وجدت في لغات أخرى فهي مما نقله العجم عن العرب ، و كان يقول " لا يحيط باللغة إلا نبي"، و يرى محمد عزة دروزة أن سبب تعريب العرب لهذه الكلمات لأنها تتعلق بمسميات غير مستعملة في الحياة العربية، وصلت إلى العرب من الاحتكاك بالأمم قال ابن عطية : فحقيقة العبارة عن هذه الألفاظ أنها في الأصل أعجمية لكن استعملتها العرب وعربتها فهي عربية بهذا الوجه وقد كان للعرب العاربة التي نزل القرآن بلسانها بعض مخالطة لسائر الألسنة بتجارات وبرحلتي قريش وكسفر مسافر بن أبي عمرو إلى الشام وكسفر عمر بن الخطاب وكسفر عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد إلى أرض الحبشة وكسفر الأعشى إلى الحيرة مع كونه حجة في اللغة فعلقت العرب بهذا كله ألفاظا أعجمية غيرت بعضها بالنقص من حروفها وجرت إلى تخفيف ثقل العجمة واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها حتى جرى مجرى العربي الصحيح ووقع بها البيان وعلى هذا الحد نزل بها القرآن فإن جهلها عربي ما فكجهله الصريح بما في لغة غيره كما لم يعرف ابن عباس معنى فاطر إلى غير ذلك .

3- يمكن أن تكون هذه الألفاظ قد وجدت في العربية قبل زمن النبي صلى الله عليه وسلم بوقت طويل واستقرت في اللغة العربية حتى أصبحت جزءاً منها وصارت من مفرداتـها التي يروج استخدامها بين العرب . (( نقلا عن موقع شبكة بن مريم الإسلامية))

 

ثانيا:- مما قاله النصارى مشككين في بلاغة القرآن و جزالته قولهم بأن في القرآن أخطاء نحوية .

وقد جهل هؤلاء أن القرآن سابق على قواعد النحو التي وضعها سيبويه والخليل الفراهيدي معتمدين في استنباطهم لهذه القواعد على القرآن الكريم و بعض أشعار العرب فلا يمكن أن تكون هذه القواعد اللاحقة حكماً على الأصل الذي صدرت عنه.
ثم إن المتبصر العارف بلغة العرب يرى أن هذه المواضع التي أنكرها النصارى لم تخالف لغة العرب ولنضرب لذلك أمثلة :

 

1- قوله تعالى { إن هذان لساحران } حيث جاءت كلمة هذان مرفوعة وحقها أن تنصب

الجواب الأول : إنْ بالسكون وهى مخففة من إن ، وإنْ المخففة تكون مهملة وجوباً إذا جاء بعدها فعل ، أما إذا جاء بعدها اسم فالغالب هو الإهمال نحو: (إنْ زيدٌ لكريم) ومتى أُهمِلَت يقترن خبرها باللام المفتوحة وجوباً للتفرقة بينها وبين إنْ النافية كى لا يقع اللّبس. واسمها دائماً ضمير محذوف يُسمَّى ضمير (الشأن) وخبرها جملة ، وهى هنا (هذان ساحران).

الجواب الثانى : أن قوله تبارك وتعالى (( إن هذان لساحران)) هي لغة لبعض القبائل العربية يلزمون المثنى الألف فىجميع حالاته كبني الحارث بن كعب، وخثعم، وكنانة، وعذرة، وزبيد، وغيرهم. يقولون: مررت برجلان ، وقبضت منه درهمان، وجلست بين يداه.

كقول الشاعر :

إن أباها وأبا أباها قد بلغا فى المجد غايتاها

والأصل أن يقول غايتيها لأنها مفعول والشواهد كثيرة ،ولغة إلزام المثنى الألف لغة مشهورة ، وقد جاء القرآن على أحرف عدة ولغات شتى، فلا غرابة أن يكون في القرآن وجه ورد على لغة لبعض قبائل العرب المشهورة .

الجواب الثالث: أنها للنفي بمعنى: ما هذان إلا ساحران ، و في كلا الحالين ترفع كلمة هذان

 

2- أشكل على النصارى أيضاً نصب لفظة { الصابرين }

في قوله { والموفون بعهدهم إذا عاهدوا و الصابرين في البأساء و الضراء و حين البأس }

والجواب أن نصبها كان بسبب فعل محذوف ، و تقدير الكلام:أمدح الصابرين. و سبب الإضمار هو الإشعار بفضل الصبر تقديره وأخص بالمدح الصابرين، والعطف هنا من باب عطف الجملة على الجملة.

 

3- أما تأنيث العدد في قوله تعالى { و قطعناهم اثنتي عشرة أسباطاً أمماً } فسببه أن التمييز ليس { أسباطاً } بل: فرقة. و هي مؤنثة و وافقها العدد، و أما أسباطاً فهي بدل كل من كل وكلمة (أمما) نعت للأسباط

 

4- أما نصب قوله { المقيمين } في قوله تعالى

{ لكن الراسخون في العلم منهم و المؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك و ما أنزل من قبلك و المقيمين الصلاة } فقد نصبت :

أ- لأن الواو التي قبلها ليست بواو العطف، بل الواو المعترضة و ما بعدها نصب على المدح ، و تقدير الكلام: أمدح المقيمين الصلاة .

أي وأمدح المقيمين الصلاة، وفي هذا مزيد العناية بهم، فالكلمة منصوبة على المدح.
وعليه فهذه جملة اعتراضية وهى مفعول به لفعل محذوف تقديره (وأمدح) لمنزلة الصلاة ، فهى أول ما سيحاسب عليه المرء يوم القيامة. وفيها جمال بلاغى حيث يلفت فيها آذان السامعين لأهمية ما قيل.

أما (والمؤتون) بعدها على الرفع فهى معطوفة على الجملة التى قبلها.]

ب- ومنهم من جعل " المقيمين " مجروراً لا منصوباً ، وقال إن جره لأنه معطوف على الضمير المجرور محلاً فى " منهم " والمعنى على هذا:لكن الراسخون منهم والمقيمين الصلاة.

ج- وبعضهم قال إنه مجرور بالعطف على الكاف فى " أنزل إليك " وبعضهم قال إنه مجرور بالعطف على " ما " فى " بما أنزل إليك ".

د - أو هو مجرور بالعطف على " الكاف " فى " قبلك "

 

5- رفعت كلمة { الصابئون } في قوله { إن الذين آمنوا و الذين هادوا و الصابئون والنصارى من آمن بالله و اليوم الآخر و عمل صالحاً }

أ- قال سيبويه: الرفع محمول على التقديم و التأخير، و التقدير: إن الذين آمنوا والذين هادوا ….و الصابئون و النصارى كذلك

وتوضيح ذلك أنه لو كان في الجملة اسم موصول واحد لحق لك أن تنكر ذلك ، لكن لا يلزم للاسم الموصول الثاني أن يكون تابعا لإنَّ. فالواو هنا استئنافية من باب إضافة الجُملة للجملة ، وليست عطفا على الجملة الأولى.

لذلك رُفِعَ ( والصابئون ) للإستئناف ( اسم مبتدأ ) وخبره محذوف تقديره والصابئون

كذلك أى فى حكمهم. والفائدة من عدم عطفهم على مَن قبلهم هو أن الصابئين أشد الفرق المذكورين فى هذه الآية ضلالاً ، فكأنه قيل: كل هؤلاء الفرق إن آمنوا وعملوا الصالحات قَبِلَ اللهُ تَوْبتهم وأزال ذنبهم ، حتى الصابئون فإنهم إن آمنوا كانوا أيضاً كذلك.
و هذا التعبير ليس غريبا في اللغة العربية، بل هو مستعمل فيها كقول بشر بن أبي خازم الأسدي الذي قال :

إذا جزت نواصي آل بدر فأدوها وأسرى في الوثاق *** وإلا فاعلموا أنــا وأنـتم بغـاة ، ما بقـينا في شـقاق

والشاهد : وأنتم ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ، وبغاة خبر أن ( أو أنتم ) مرفوع، والخبر الثاني محذوف، وكان يمكن أن يقول فاعلموا أنا بغاة وأنتم بغاة، لكنه عطف مع التقديم وحذف الخبر ، تنبيها على أن المخاطبين أكثر اتصافا بالبغي من قومه هو ، فقدم ذكرهم قبل إتمام الخبر لئلا يدخل قومه في البغي ــ وهم الأقل فيه ــ قبل الآخرين

ومثله أيضا قول قيس بن الخطيم: نحن بما عندنا وأنت بما عندك راضِ والرأي مختلف والتقدير ونحن بما عندنا راضون

ب- : إنَّ لفظ إنَّ ينصب المبتدأ لفظا ويبقى مرفوعا محلا، فيصح لغة أن تكون ( والصابئون ) معطوفة على محل اسم إن سواء كان ذلك قبل مجيء الخبر أو بعده .

ج- أو هي معطوفة على المضمر في ( هادوا ).

و هذه الصور و غيرها مما ذكر علماؤنا يدل على جهل مثيري الشبهات من النصارى بقواعد اللغة كما يدل على عظمة القرآن و بيانه. (( نقلا عن موقع شبكة بن مريم الإسلامية ))

 

6- ما جاء في سورة الانعام من قوله تعالى : ( وقالوا ما في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا ) لماذا جاءت لفظة خالصة مؤنثة، ومحرم مذكرة ؟
الجواب من ثلاثة أوجه :

الأول : الهاء في خالصة للمبالغة لا للتأنيث ، كقولك : علامة ونسابة .

الثاني : خالصة مصدر كالعافية والعاقبة .

الثالث : قيل إن الهاء للتأنيث ، ولما كان ( ما في بطون هذه الأنعام ) هو الأجنة أنث الخبر على المعنى ، وذكر ( محرم ) على اللفظ

وجاء في تفسير أضواء البيان للإمام الشنقيطي رحمه الله :

وقد دلت الآيات المذكورة على أن الأنعام يصح تذكيرها وتأنيثها. لأنه ذكرها هنا في قوله: «نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِى بُطُونِهِ» وأنثها في سورة ٱلْمُؤْمِنُونَ في قوله« نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِى بُطُونِهَا وَلَكُمْ فيِهَا مَنَـٰفِعُ كَثِيرَةٌ» ومعلوم في العربية: أن أسماء الأجناس يجوز فيها التذكير نظراً إلى اللفظ، والتأنيث نظراً إلى معنى الجماعة الداخلة تحت اسم الجنس. وقد جاء في القرآن تذكير الأنعام وتأنيثها كما ذكرناه آنفاً. وجاء فيه تذكير النخل وتأنيثها. فالتذكير في قوله« كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ» والتأنيث في قوله« كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ» ونحو ذلك. وجاء في القرآن تذكير السماء وتأنيثها. فالتذكير في قوله« السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ» والتأنيث في قوله« وَٱلسَّمَآءَ بَنَيْنَـٰهَا بِأَيْدٍ» ونحو ذلك من الآيات. وهذا معروف في العربية، ومن شواهده قول قيس بن الحصين الحارثي الأسدي وهو صغير في تذكير النعم : في كل عام نعم تحوونه يلقحه قوم وتنتجونه

 

7- من ذلك : جاء في سورة البقرة قوله « قال لا ينالُ عهدي الظالمين » وكان يجب أن تكون "الظالمون" فهي جمع مذكر سالم مرفوع بالواو والنون لأنه فاعل الفعل "ينال". فكيف جاءت منصوبة بالياء والنون؟

الجواب : ينال فعل متعدى بمعنى (يشمل أو يَعُم) كما فى الآية أى لا يشمل عهدى الظالمين، فعهدى هنا فاعل، والظالمين مفعول به.

مثال لذلك لقد ناله ظلماً، وأسفنا لما ناله من إهانة.

والإمامة والعهد بالإمامة هنا معناه النبوة، وبذلك تكون جواباً من الله على طلب نبينا إبراهيم أن يجعل النبوة فى ذريته فوافقه الله إلا أنه استثنى الظالمين، كما لو أنه أراد قول (إلا الظالمين من ذريتك).

وتجىء أيضاً بمعنى حصل على مثل: نال الظالم جزاءه.

ومن مصادر اللغة , المعجمات القديمة التي جمعها (لسان العرب) وها هو يقول: والعرب تقول: "نالني من فلان معروف ينالني أي وصل إلي منه معروف" لسان العرب 11/685

 

8- من ذلك جاء في سورة البقرة 17 « مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ». وكان يجب أن يجعل الضمير العائد على المفرد مفرداً فيقول ذهب الله بنوره .

الجواب : فهو هنا لم يشبه الجماعة بالواحد وإنما شبهت قصتهم بقصة المستوقد. ومثال ذلك قوله: « مثل الذين حُمِّلوا التوراة ثمَّ لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا» [الجمعة 5]. فلما أضاءت ما حوله أضاءت أيضاً للآخرين ، فكان عقاب الله أنها ذهبت بأبصارهم جميعاً، لاحظ أن الله يضرب المثل بقوم استوقد أحدهم ناراً فلمَّا أضاءت ما حول فاعل هذه النار أضاءت أيضاً حول ذهب الله بأبصار هذا القوم.

ونلاحظ أنه قال (ذهب) وهى أبلغ من أذهب لأن ذهب بالشىء اسطحبه ومضى به معه، فكأنما أراد الله أن يذكرهم أنه يرون بنور الله وفى معيته، وحيث أنهم اختاروا طريق الظلمة فقد أخذ الله نوره وتركهم فى ظلمات أنفسهم التى اختاروا البقاء فيها.

 

9- ومن ذلك ما جاء في سورة الأعراف 56 « وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِين »وكان يجب أن يتبع خبر إن اسمها في التأنيث فيقول قريبة .

الجواب : إن كلمة قريب على وزن فعيل، وصيغة فعيل يستوى فيها المذكر والمؤنث.

 

10- ومن ذلك ما جاء في سورة الشورى 42: 17 (اللهُ الذِي أَنْزَلَ الكِتَابَ بِالحَقِّ وَالمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ). فلماذا لم يتبع خبر لعل اسمها في التأنيث فيقول قريبة؟

الجواب : خبر لعل هنا محذوف لظهوره البيَّن تقديره لعل حدوث الساعة قريب.
وفيه أيضا فائدة وهي أن الرحمة والرحم عند العرب واحد فحملوا الخبر على المعنى. ومثله قول القائل: إمرأة قتيل. ويؤيده قوله تعالى: (هذا رحمة من ربي) فأتى اسم الإشارة مذكرا. ومثله قوله تعالى: (والملائكة بعد ذلك ظهير).

وقد جهل المعترض بأنه المذكر والمؤنث يستويان في أوزان خمسة :

1 – (فعول): كرجل صبور وامرأة صبور.
2 – (فعيل): كرجل جريح وامرأة جريح.
3 – (مفعال): كرجل منحار وامرأة منحار أي كثير النحر.
4 – (فعيل): بكسر الميم مثل مسكين، فنقول رجل مسكين، وامرأة مسكين.
5 – (مِفعَل): بكسر الميم وفتح العين. كمغشم وهو الذي لا ينتهي عما يريده ويهواه من شجاعته. ومدعس من الدعس وهو الطعن.

 

http://www.all1forums.com/xenforo/threads/19936/#post-209024


اتهام الشيعة بالعنصرية الفارسية...........!!!



قيل :

" السبب الرئيسي لبغض الشيعة لعمر بن الخطاب هو تحطيمه دولة فارس "


نقول :

إن كانت هناك عنصرية نتنة فهي في كتابة هذه السطور التي تقوم على بغض القومية الفارسية وإثارة هذه النعرات ،

والقرآن الكريم يقول ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) ، فلا تجد في أحاديث الشيعة إشارة إلى ذلك بل

سادتهم وأئمتهم هاشميون قرشيون عرب .


وهم يصرحون في كتبهم أن الخليفة الثاني يفقد المنزلة التي يمتلكها عند السنة بسبب عدم خضوعه للنص النبوي الذي يعتبر مصدر التشريع الأساس بعد القرآن الكريم ، وكذلك تصريح عمر عدة مرات بمخالفته لرسول الله (ص) في عدة مواقف يذكرها البخاري ومسلم في صحيحهما ، فترى عمر يجذب رداء الرسول (ص) ليمنعه من الصلاة على الميت ، ويخشى في موقف آخر أن ينزل فيه قرآن بسبب كثرة رده على رسول الله (ص) ، هذه الحالة التي بلغت أوجها في وقوفه في الصف المخالف لرسول الله (ص) في وصيته الأخيرة وهو على فراش الموت حينما طلب (ص) الكتف والدواة ليكتب للمسلمين كتابا لن يضلوا بعده أبدا ،

فقال عمر : " إن النبي (ص) غلبه الوجع وعندكم كتاب الله ، حسبنا كتاب الله " .

ثم تعرضه لبيت فاطمة الزهراء (ع) بالتهديد بالحرق كما روى ابن أبي شيبة في مصنفه إمعانا في فرض بيعة أبي بكر على المسلمين :" حدثنا محمد بن بشر نا عبيد الله بن عمر حدثنا زيد بن أسلم عن أبيه أسلم أنه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله (ص) كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله (ص) فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة فقال : يا بنت رسول الله (ص) والله ما من أحد أحب إلينا من أبيك وما من أحد أحب إلينا بعد أبيك منك وأيم الله ما ذاك بمانعي أن اجتمع هؤلاء النفر عندك إن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت … " (1) .


وهذا النص فيه اختصار شديد ويخفي وراءه أمورا أليمة تعرض لها بيت النبوة بعد وفاة رسول الله (ص) ، وتفاصيلها مبعثرة كثيرا في كتب التاريخ ، فلنترك البحث للقارئ … .

ومما يؤكد ذلك ما رواه البخاري في صحيحه كتاب المغازي باب غزوة خيبر من قول علي (ع) عندما أراد بيعة أبي بكر بعد ستة أشهر أي بعد وفاة فاطمة (ع) " … فأرسل إلى أبي بكر : أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك ، كراهية لمحضر عمر " (2) ، فهي صريحة في أن عليا (ع) يحمل في نفسه شيئا على عمر .

وكذلك يشير إليه ما رواه مسلم في صحيحه من قول عمر لعلي (ع) والعباس :

" … فجئتما تطلب ميراثك من بن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها فقال أبو بكر قال رسول الله (ص) ما نورث ما تركنا صدقة ، فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق ، ثم توفي أبو بكر وأنا ولي رسول الله (ص) وولي أبي بكر فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا " (3) .

والشيعة اتبعت قول رسول الله (ص) في أن الحق مع علي (ع) وأن من فارق عليا (ع) فقد فارق رسول الله (ص) وفارق الصراط المستقيم بذلك ، فقد روى الهيثمي في مجمع الزوائد قال :

" وعن أبي ذر قال : قال رسول الله (ص) وسلم لعلي : يا علي من فارقني فارق الله ومن فارقك يا علي فارقني " ، قال الهيثمي : رواه البزار ورجاله ثقات (4) .

فموقف الشيعة المخالف للسنة في ذلك ليس شخصيا ولا عنصريا بل هو ما يمليه عليهم الدليل ، وتمليه النصوص التاريخية والروائية .



===============

(1) مصنف ابن أبي شيبة - ج7 ص432
(2) صحيح البخاري - ج5 ص177
(3) صحيح مسلم - ج2 ص1378
(4) مجمع الزوائد - ج9 ص135


http://www.alerfan.com/vb/showthread.php?t=59497

ما هی شبهة الآکل و المأکول؟


السؤال

الرجاء بیان شبهة الآکل و المأکول مع ذکر الرد علیها.



الجواب الإجمالي

 

شبهة الآکل و المأکول هی من أقدم الاشکالات التی طرحت حول المعاد الجسمانی و خلاصتها ما یلی: افترضوا أن إنساناً فی زمن مجاعة و قحط شدید أکل من لحم إنسان آخر بحیث إن کل أو بعض بدن الإنسان الأول صار جزءً من بدن الإنسان الثانی فهل إن أجزاء بدن الإنسان الأول تنفصل فی یوم القیامة عن بدن الإنسان الثانی أو لا؟ فإن قلنا إنها تنفصل فإن بدن الإنسان الثانی یصیر ناقصاً، و إن قلنا لا تنفصل فإن بدن الإنسان الأول یصیر ناقصاً، و حینئذٍ فإذا کان هذان الشخصان أحدهما مؤمن و الآخر کافر، فإن کانت مادة بدن المؤمن ناقصة فلازمه أن تدخل أجزاء من بدنه الی جهنم مع بدن الکافر، و إن صارت ذرّات من بدن المشرک فی بدن الموحّد فلازمه أن تدخل ذرات بدن الکافر الی الجنة مع المؤمن.

 

و هاتان الصورتان تتنافیان مع العدل الإلهی، إذن فلا یمکن حصول المعاد الجسمانی.

 

و فی تصویر آخر یطرح الاشکال هکذا: إذا صار انسان طعمة لوحوش الصحراء أو أسماک البحار أو صار طعاماً للنسور و آکلی الجیف و صار جزءاً من بدنها، فکیف یمکن أن تجتمع الذرات المتفرّقة –مع هذا الوضع- مرة ثانیة بشکل کامل و تظهر فی صورة البدن الدنیوی السابق؟

 

الجواب الاجمالی:

 

و جواب هذا الإشکال بشکل مختصر هو ما یلی:

 

إن حقیقة کل إنسان قائمة بروحه و لیس بقالبه الجسمانی، لأن أبداننا فی حال تغییر دائمی، و لهذا لا یشترط بدن معیّن فی تشخّص الإنسان بل یمکن لقالب مبهم و غیر معیّن أن یکوّن شخصیّته الجسمانیة، و ذلک لأن الجسم هو کمادة سیّالة تقبل صوراً متنوعة، و تتقبّلها صور مختلفة و من هنا فإنه لا یمکن أن یکون لجسمنا المادی ثبات و بقاء، بل یتشخّص القالب فی إطار الروح فحسب فنتمکن أن ننسب ذرات البدن الی صاحبها الأصلی فنقول إن هذه ید أو رجل فلان، أو إن هذا العضو قد قطع من بدن فلان و غیر ذلک من هذه النسب، و الحال إن البدن إذا صار تراباً و تحوّل الی فاکهة، فإن هذا الانتساب المذکور یزول.

 

الجواب التفصيلي

 

إن أهم شبهة یتشبّث بها منکروا المعاد الجسمانی منذ القدم و الی الآن هی شبهة الآکل و المأکول. و قد ظهر هذا الإشکال بصور مختلفة نتیجة مرور الزمان و تطوّر العلم الی أن ظهر فی صورته الأکثر خداعاً فی عصرنا الحاضر. و الاشکال المختلفة التی اتّخذها هذا الإشکال لنفسه تتلخّص فی ثلاثة مواضیع:

 

1. کیف تجتمع الذرات المتفرقة للبدن؟

 

2. ما هو البدن المحشور؟

 

3. کیف یجبر نقص الأبدان من الأرواح؟ و کیف تجتمع الذرات المتفرقة؟

 

و فی البدء یطرح الاشکال بهذه الصورة: إذا صار لحم بدن مؤمن جزءاً من بدن شخص کافر، فإنه لا شبهة فی إنه طبقاً للأصل القطعی (بدل ما یتحلل) أو تولید مثل الخلایا فإن أجزاء بدن المؤمن تصیر من بدن الکافر. و بناء علی هذا فإن رجعت أجزاء بدن کل شخص الی صاحبها فإنه سیبقی أحد هذین البدنین ناقصاً.

 

و فی هذه الحالة، فإن ذلک البدن الناقص اما أن یکون هو جسم المؤمن أو بدن الکافر، فإن کان النقص فی مادة بدن المؤمن فإن لازمه أن تدخل أجزاء من بدنه الی جهنم مع الکافر و تعذّب فیها. و إن کانت أجزاء بدن المشرک فی بدن الموحّد فیوجب ذلک أن تدخل ذرات بدن الکافر الی الجنة مع بدن المؤمن. و هاتان الصورتان تتنافیان مع العدل الإلهی. إذن فلا یمکن وقوع المعاد الجسمانی.

 

و فی التصویر الثانی یطرح الإشکال فی دائرة أوسع فیقال: إذا صار انسان طعمة لوحوش الصحراء أو حیتان البحار أو صار طعاماً للنسور و آکلی الجیف و صار جزءاً من بدنها فکیف یمکن أن تجتمع الذرات المتفرقة –مع هذا الوضع- مرة ثانیة بشکل کامل و تظهر فی صورة البدن الدنیوی السابق؟

 

 

 

جواب المتکلّمین:

 

و قد أجاب المتکلّمون المسلمون عن هذه الشبهة بجوابین نذکرها بشکل مختصر:

 

1.أکثر علماء علم الکلام و العقائد قالوا فی الجواب: إن الله یحفظ الذرات الأصلیة لبدن المؤمن من تأثیر الحوادث و لا یدعها تصیر من الذرات الأصلیة لبدن الکافر. و إن ذرات بدن کل انسان لا تصیر فی بدن آخر، و إن ما یصیر جزء من بدن انسان أو حیوان آخر هو الأجزاء الزائدة لبدن المأکول، و أما الذرات الأصلیة فهی تبقی مصونة تماماً عن الانتقال.

 

و ربما کانت هذه النظریة فی الأزمنة السابقة مقنعة و لکنها لیست قابلة للقبول أبداً فی الوقت الحاضر، و ذلک لأنه من الناحیة الفیزیولوجیة فإن خلایا البدن فی حالة تغیّر و تبدّل، و بناء علی هذا فإذا صار بدن الإنسان طعمة لحیوان فإنه سیصیر جزءاٌ من بدنه قطعاً، و لکنه و بسبب التغیّر الدائمی للخلایا فإنه بعد فترة إما أن یتحوّل الی طاقة أو یخرج من البدن علی شکل فضلات، و الذی یبقی الی آخر العمر هو الخلایا العصبیة و العضلیة و خلایا الدماغ فقط، ثم تتحوّل الی تراب و تدخل فی تکوین بدن آخر، و لهذا فلا توجد مادة ثابتة فی البدن تسمی الذرات الأصلیة –کما یدعی المتکلّمون-.[1]

 

2.و الجواب الثانی الذی قدّمه المتکلمون و المحدّثون المسلمون عن هذه الشبهة هو أن بدن الإنسان یتلاشی بعد الموت و یتفرّق، و لکن الطینة و هی مادته الأصلیة الحاملة لجمیع الخصوصیات الفردیة لکل إنسان باعتبارها النواة الأصلیة للقالب الجسمانی تبقی فی القبر تدور حول نفسها و لا تصیر جزءاً من بدن أی إنسان، و لو دخلت فرضاً فی جسم آخر فإنها تخرج منه.

 

و بمجرد أن تقوم القیامة، تتحرّک الطینات و تصنع البدن الاخروی بجمیع الخصوصیات الدنیویة و بناء علی هذا فلا یحصل آکل و مأکول فی أصل طینة جسم الإنسان، و عدم اکتشاف العلوم الطبیعیة لا یدلّ علی عدم وجود الطینة. و هناک آراء مختلفة حول حقیقة الطینة فقال البعض: إن المقصود بالطینة هو النفس الناطقة، و قال آخرون: هی الطینة التی تتوقّف علیها سعادة و شقاوة الإنسان، و ذهب البعض الی أن الطینة هی نفس الذرات الأصلیة و یعتقد البعض إنها الجسم المثالی و البرزخی.[2]

 

الجدیر بالذکر انا لسنا فی مقام مناقشة هذه الآراء و انما نکتفی بنقلها فقط.

 

 

 

جواب الفلاسفة:

 

و قد أجاب الفلاسفة الإلهیون بجواب أدق فقالوا: إن حقیقة کل إنسان قائمة بروحه و لیس بقالبه الجسمانی لأن أبداننا فی حال تغییر دائمی و لهذا لا یشترط بدن معین فی تشخص الإنسان بل یمکن لقالب مبهم و غیر معیّن أن یکوّن شخصیته الجسمانیة، و ذلک لأن الجسم هو کمادة سیّالة تقبل صوراً متنوعة و تتقبّلها صور مختلفة، و من هنا فإنه لا یمکن أن یکون لجسمنا المادی ثبات و بقاء، بل یتشخّص القالب فی إطار الروح فحسب، فنتمکن أن ننسب ذرات البدن الی صاحبها الأصلی فنقول: إن هذه ید أو رجل فلان أو أن هذا العضو قد قطع من بدن فلان، و غیر ذلک من هذه النسب، و الحال إن البدن إذا صار تراباً و تحوّل الی فاکهة فإن هذا الانتساب المذکور یزول.

 

و طبقاً لهذا الجواب فإن شبهة الآکل و المأکول تنهار من أساسها، و ذلک لأنه علی هذا الکلام لا یلزم فی عالم الآخرة أن یعود نفس ذلک البدن المعیّن الذی صار طعمة لوحوش الصحراء أو حیتان البحار فی تاریخ خاص و صار جزءً من بدن حیوان و أن تعود نفس تلک الذرات –بجمیع خصوصیاتها- لأن من الممکن أن یخلق قالب من الذرات التی انفصلت عن جسمه سابقاً علی هیئة فضلات أو علی هیئة طاقة و تتعلّق الروح بذاک القالب و لا شک فی أن الإنسان سیستعید صورته الاولی حین ترتبط الروح بذلک الجسم.

 

و العقیدة التی یراها الإسلام ضروریة هو معرفة الناس الابتدائیة بمعنی أنه فی صحراء المحشر فإن الناس الذین کانوا یعرفون بعضهم البعض فی الحیاة الدنیا حینما یرون بعضهم البعض فإن ذکریاتهم ستتجدّد بعضهم البعض، و لا ضرورة فی القیامة لوجود نفس تلک الذرات و الخلایا التی کان یحملها الناس فی الدنیا.

 

و قد ورد فی روایات کثیرة إن الأشخاص المکفوفین و الذین کانوا ناقصی الأعضاء، یحشرون سالمین یوم القیامة، و الحال إنه لو کان رجوع نفس تلک الذرات ضروریاً لوجب أن ترجع تلک الذرات بجمیع خصوصیاتها، و من جانب آخر فإنه یجب الاعتراف بحصول تغییرات کبیرة و مهمة فی البدن الأخروی و فی نفس الوقت فإن الخصوصیات الفردیة أیضاً تبقی محفوظة الی حدٍ ما و لا یختلط الأشخاص فیما بینهم. بل من الممکن أن یصنع البدن بمقدار معیّن من الموارد و تقوم الروح بقدرتها الخاصة باخراج القالب الترابی بصورة مناسبة و مزجه بالطینة –التی وردت فی الروایات و هی أساس الإنسانیة- و حینئذٍ تعود جمیع خصوصیات الإنسان و تتجدّد ذکریاته السابقة و عمله المدخّر، فیعرف نفسه و یعرف الآخرین أیضاً و سیعرفه الأشخاص الآخرون أیضاً.[3]

 

 

 

جواب الحکمة المتعالیة:

 

و قد أجاب الملّا صدرا –و هو مؤسس الحکمة المتعالیة- عن هذه الشبهة (شبهة الآکل و المأکول) کما یلی: "إن تشخّص کل إنسان إنما یکون بنفسه لا ببدنه، و إن البدن المقبر فیه أمر مبهم لا تحصّل له الّا بنفسه و لیس له من هذه الحیثیّة تعیّن و لا ذات ثابتة و لا یلزم من کون بدن زید مثلاً محشوراً، أن یکون الجسم الذی منه صار مأکولا لسبع أو انسان آخر محشورا، بل کلما یتعلّق به نفسه هو بعینه بدنه الذی کان. فالاعتقاد بحشر الأبدان یوم القیامة هو أن تبعث الأبدان من القبور بنحو إذا رأی أحد کل واحد واحد منها یقول: هذا فلان بعینه و ذاک فلان بعینه أو هذا بدن فلان و هذا بدن فلان علی ما مر تحقیقه و لا یلزم من ذلک أن یکون غیر مبدّل الوجود و الهویة کما لا یلزم أن یکون مشوّه الخلق و الأقطع و الأعمی و الاقطع والاعمی و الهرم محشوراً علی ما کان من نقصان الخلقة و تشویه البنیة کما ورد فی الأحادیث".[4]

 

و لمزید الإطلاع حول هذا الموضوع یمکنکم مراجعة الکتب الکلامیة و الفلسفیة و التفاسیر. و فیها یلی أسماء عدد منها:

 

1- المعاد من وجهة نظر العقل و الدین، الشریعتی السبزواری، محمد باقر.

 

2- الأسفار الأربعة، الملاصدرا، ج 9.

 

3- تفسیر الأمثل، مکارم الشیرازی، ناصر.

 

4- المعاد و عالم ما بعد الموت، مکارم الشیرازی، ناصر.

 

5- العقائد الإسلامیة فی ظل القرآن و الحدیث و العقل، السبحانی، جعفر.

 

 

[1] الشریعتی السبزواری، محمد باقر، المعاد من وجهة نظر العقل و الدین، ص250، قم، حدیقة الکتاب، الطبعة الرابعة 1382 ش.

 

[2] نفس المصدر، ص 251.

 

[3] السبحانی، جعفر، العقائد الإسلامیة فی ظل القرآن و الحدیث و العقل، ص 588-589، قم حدیقة الکتاب، الطبعة الثانیة 1386ش؛ محمد باقر، المعاد من وجهة نظر العقل و الدین، ص250؛ مکارم الشیرازی، ناصر، عالم ما بعد الموت، ص330-331، قم منشورات هدف.

 

[4] الملاصدرا، الأسفار الأربعة، ج 9، ص 190-191، مکتبة المصطفوی، 1379ش.

بحث حول البخاري وصحيحه


 


هل يوجد أحد من علماء أهل السنة ينتقد ما في الصحيحين و مؤلفيهما؟

 

الجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

ليست الشيعة أول من فتح باب الإنتقاد على الصحيحين ومؤلفيهما, بل أنّ علماء أهل السنة أنفسهم لهم السبق في هذا الأمر وأنّهم تعرّضوا لنقدهما وبيّنوا الحقيقة بصراحة, وفتحوا باب نقد الصحيحين على مصراعيه..

ومن هؤلاء الناقدين جمع من العلماء والمحدثين والحفّاظ وشراح الصحيحين الذين تعتمد أهل السنة على أقوالهم وتعترف بعلوّا مقامهم العلمي, مثل:

1- محمد بن يحيى الذهلي:

قال ابن خلكان: محمد بن يحيى المعروف بالذهلي من أكابر العلماء والحفاظ وأشهرهم, وهو أستاذ وشيخ البخاري ومسلم وأبي داود والتمرذي والنسائي وابن ماجة. (وفيات الأعيان لابن خلكان 4, 282 ترجمة الذهلي). قال الكلاباذي الإصبهاني في كتابه الجمع بين رجال الصحيحين في ترجمة الذهلي: روي عنه البخاري في الصوم والطب والجنائز والعتق وغير موضع في ما يقرب من ثلاثين موضعا ً... إنّ البخاري لمّا دخل نيسابور شغب عليه محمد بن يحيى الذهلي في مسألة خلق اللفظ وكان قد سمع منه فلم يترك الرواية عنه ولم يصرّح باسمه.

راجع: الجمع بين رجال الصحيحين, 2, 465 ترجمة رقم 1787) . وقال: أحمد بن حنبل لابنه وأصحابه: اذهبوا إلى أبي عبد الله الذهلي واكتبوا عنه. (تاريخ بغداد, 3, 416).

قال الخطيب البغدادي: " كان البخاري خلافا ً لأكثر متكلّمي عصره يقول بأنّ لفظ القرآن مخلوق, ولمّا ورد مدنية نيسابور أفتى الذهلي - الذي تقلّد منصب الإفتاء والإمامة بنيسابور - قائلا ً: ومن ذهب بعد مجلسنا هذا إلى محمد بن إسماعيل البخاري فاتّهموه فإنه لا يحضر مجلسه إلّا من كان على مثل مذهبه. (تاريخ بغداد, 2, 31) (ذهب أحمد بن حنبل إلى تكفير من يقول بخلق القرآن فقال: والقرآن كلام الله ليس بمخلوق, فمن زعم أنّ القرآن مخلوق فهو جهمي كافر, ومن زعم أن القرآن كلام الله ووقف ولم يقل مخلوق ولا غير مخلوق فهو أخبث من الأوّل, ومن زعم أن تلفّظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوق والقرآن كلام الله فهو جهمي, ومن لم يكفر هؤلاء القوم والقائلين بخلق القرآن وكلام الله فهو مثلهم - كافر - راجع: كتاب السنة لأحمد بن حنبل, 3, 53).

قال محمد بن يحيى: كتب إلينا من بغداد أنّ محمد بن إسماعيل يقول: بأنّ لفظ القرآن ليس قديم, وقد استتبناه في هذه ولم ينته: فلا يحقّ لأحد أن يحضر مجلسه بعد مجلسنا هذا. (تاريخ بغداد, 2, 31, وإرشاد الساري, 1, 38 و هدى الساري مقدمة فتح الباري, 491 وإستقصاء الأفعام, 9787).

لم يذهب الذهلي بفساد عقيدة البخاري فحسب, بل كان يرى انحراف صاحبه مسلم بن حجّاج - صاحب الصحيح - عن العقيدة السليمة, ولذا طرده عن مجلسه وحرّم على الناس حضور مجلسه. (دائرة معارف القرن العشرين, 5, 292 مادّة سلم, وتذكرة الحفّاظ, 2, 589 ترجمة مسلم بن الحجاج رقم 613) يظهر من هذه الأقوال بأن البخاري ومسلم كانا محل رفض وطرد من قبل أهل نيسابور وعلماء بغداد وأهلها لاعتقادهما في القرآن بأنه مخلوق, وكان هذا سببا ً لطردهما من نيسابور.

2- أبو زرعة الرازي:

يعدّ أبو زرعة من حفّاظ الحديث وعلم من أعلام الرجال والعلوم الأخرى, قال الفاضل النووي فيه: انتهى الحفظ - حفظ الحديث - إلى أربعة من أهل خراسان: أبو زرعة و... (تهذيب الأسماء واللغات, 1/ 68).

قال الخطيب عن سعيد بن عمر وقال: شهدت أبا زرعة الرازي ذكر كتاب الصحيح الذي ألّف مسلم بن الحجّاج ثمّ المصوّغ على مثاله - صحيح البخاري - فقال لي أبو زرعة: هؤلاء قوم أرادوا التقدّم قبل أوانه فعلموا شيئا ً يتسوقون به, ألّفوا كتابا ً لم يسبقوا إليه ليقيموا لأنفسهم رئاسة قبل وقتها. وأتاه ذات يوم - وأنا شاهد - رجل بكتب الصحيح من رواية مسلم فجعل ينظر فيه فإذا حديث عن أسباط بن نصر, فقال أبو زرعة: ما أبعد هذا من الصحيح يدخل في كتابه أسباط بن نصر, ثم رأى في كتابه قطن بن نصير فقال لي: وهذا أطمّ من الأوّل. (تاريخ بغداد, 273).

وذكر الذهبي قصّة أبي زرعة ولكنّه أتى بكلمة يتسوّقون - يتاجرون - بدلاً عن كلمة يتشوّفون - يتظاهرون -. (ميزان الإعتدال, 1, 126 ترجمة أحمد بن عيسى المصري التستري رقم 507).

3- النووي:

قال النووي في مقدمة شرحه على صحيح مسلم: وأمّا قول مسلم - وادّعاؤه في صحيحه بأنّ ليس كلّ شيء صحيح عندي وضعته فيه فحسب, بل جمعت في كتابي الصّحيح كلّ ما اتّفق الجمهور على صحته - فمشكل فقد وضع فيه أحاديث كثيرة مختلف في صحّتها لكونها من حديث من ذكرناه ومن لم نذكره ممّن اختلفوا في صحّة حديثه. (مقدمة شرح صحيح مسلم للنووي, 16).

4- ابن حجر:

قال ابن حجر: وعدّة ما اجتمع الناس - على قدحه من الأحاديث - ممّا في كتاب البخاري وإن شاركه مسلم في بعضه مائة وعشرة حديثا ً منها ما وافقه مسلم على تخريجه وهو اثنان وثلاثون حديثا ً. (هدي الساري مقدمة فتح الباري, 345) وجاء في مقدمة فتح الباري: فقد تناول جماعة من المحدثين وعلماء الرجال أكثر من ثلاثمائة من رجال البخاري فضعّفوهم, وأشار - بعد سرد أسمائهم - إلى حكاية الطعن والتنقيب عن سبب ضعفهم. (هدي الساري مقدمة فتح الباري, 382).

5- الباقلاني:

أنكر القاضي أبو بكر الباقلاني صحّة حديث صلاة النبي (ص) على جنازة عبد الله بن أبي, واعتراض عم عليه ( ص) - الحديث الذي رواه الصحيحان -. وقال إمام الحرمين: لا يصحّحه أهل الحديث. وقال الغزالي في المستصفى: الأظهر أنّ هذا الخبر غير صحيح. وقال الداودي: هذا الحديث غير محفوظ. (فتح الباري, 8، 272).

6- ابن همام:

قال كمال الدين بن همام في شرح الهداية: وقوله من قال: أصحّ الأحاديث ما في الصحيحين ثم ّ ما انفرد به البخاري ثم ما انفرد به مسلم, ثم ما اشتمل على شرط أحدهما... تحكّم وباطل لا يجوز التقليد فيه. (أضواء على السنة المحمديّة, 312).

هذا الذي ذكرناه هو مجمل ما قاله شراح الصحيحين والسلف من العلماء حول الصحيحين ومؤلفيهما, ولو أردنا أن نستقصي كلّ ما قيل من النقد والقدح فيهما لاحتجنا في ذلك إلى كتاب مستقل وكبير.

 

 

 

هل يمكنك ذكر بعض الأحاديث الخطأ أو الموضوعة من صحيح البخاري؟

 

الجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

أهل السنة يعتبرون صحيح البخاري صحيحاً, بكل ما فيه من أحاديث.

ونحن إذا أردنا تضعيف أحاديث البخاري, فإننا يمكننا ذلك من جهتين:

من جهة أن بعض الأحاديث ضعيفة سنداً ورجال ذلك الحديث مقدوح في بعضهم لكنهم يقبلون ذلك الحديث، بقولهم أن عند البخاري حديث آخر يدعم هذا الحديث من حيث الدلالة وهو صحيح السند , ووفق هذا القول سوف لا ينفع لو أتيتهم بألف حديث ضعيف سنداً لقالوا أن كل تلك الأحاديث من الشواهد والمتابعات, بمعنى أن لها أصلاً صحيح السند.

ويمكننا أيضاً القدح في بعض أحاديث البخاري من جهة الدلالة حيث أنها تتعارض مع أشياء يقطع بصحتها.

لذا نذكر لك نماذج من تلك الأحاديث المقدوح فيها:

1ـ أخرج البخاري عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إن أحق ما أخذ عليه الأجر كتاب الله) فقد أورده ابن الجوزي في (الموضوعات) وطعن في سنده، ثم قال والحديث منكر.

2ـ قال ابن حزم في (المحلى): ((ومن طريق البخاري... أنه سمع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: (ليكونن من أمتي قوم يستحلون الخز والخنزير والخمر والمعازف).

وهذا منقطع لم يتصل ما بين البخاري وصدقة بن خالد ولا يصح في هذا الباب شيء أبداً وكل ما فيه موضوع)).

3ـ أخرج البخاري بسنده عن عروة: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خطب عائشة بنت أبي بكر، فقال له أبو بكر: انما أنا أخوك فقال : (أنت أخي في دين الله وكتابه وهي لي حلال).

قال ابن حجر: ((قال مغلطاي : في صحة هذا الحديث نظر؛ لأن الخلة لأبي بكر أنما كانت بالمدينة وخطبة عائشة كانت بمكة فكيف يلتئم القول؟ انما أنا أخوك , وأيضاً فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما باشر الخطبة بنفسه)).

4ـ أخرج البخاري بسنده عن مسروق قال: ((أتيت ابن مسعود فقال: أن قريشاَ أبطؤا عن الإسلام فدعا عليهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها وأكلوا الميتة والعظام…)).

وطعن فيه ابن حجر والعيني والداودي والدمياطي, فقال: الدمياطي والعجب من البخاري كيف أورد هذا وكان مخالفاً لما رواه الثقات.

ودمتم في رعاية الله

 

أريد ولو سندا واحدا صحيحا عن أهل السنة لرواية نصب أحد الرواة الذي يأخذ عنه البخاري في أحاديثه الصحيحة

 

الجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن مسألة الرواية عن النواصب، لا بل توثيق النواصب بأعلى درجات التوثيق والتعديل هو أمر معروف عندهم مفروغ منه.

وها نحن ننقل لجنابكم ومن كتاب واحد بعض من ذكرهم إبن حجر العسقلاني في مقدمة (فتح الباري) في الباب الذي عقده لاجل بيان الرواة الذين طعن بهم وضعفوا وكان البخاري قد أخرج له في صحيحه.

فنقول وبالله التوفيق:

1ـ إسحاق بن سويد بن هبيرة العدوي وثقه ابن معين والنسائي والعجلي وقال: كان يحمل على علي بن أبي طالب وذكره أبو العرب في الضعفاء فقال: من لم يحب الصحابة فليس بثقة ولا كرامة. قلت (ابن حجر) له عند البخاري حديث واحد في الصيام مقروناً بخالد الحذاء وروى له مسلم وأبو داود والنسائي.

2ـ بهز بن أسد العمي أبو الاسود البصري أحد الاثبات وقال يحيى القطان لعبد الرحمن بن بشر عليك ببهز بن أسد في حديث شعبة فإنه صدوق ثقة، وشذ الازدي فذكره في الضعفاء وقال: إنه كان يتحامل على علي. قلت (ابن حجر): إعتمده الائمة ولا يعتمد على الازدي.

3ـ ثور بن يزيد الحمصي أبو خالد اتفقوا على تثبته في الحديث مع قوله بالقدر، قال دحيم: ما رأيت أحداً يشك أنه قدري، وقال يحيى القطان: ما رأيت شامياً أثبت منه وكان الاوزعي وابن المبارك وغيرهما ينهون عن الكتابة عنه.. وكان يرمى بالنصب أيضاً، وقال يحيى بن معين كان يجالس قوماً ينالون من علي لكنه هو كان لا يسب (قلت): إحتج به الجماعة!!

4ـ حريز بن عثمان الحمصي مشهور من صغار التابعين وثقه أحمد وابن معين والأئمة لكن قال الفلاس وغيره: أنه كان ينتقص علياً وقال أبو حاتم لا أعلم بالشام أثبت منه ولم يصح عندي ما يقال عنه من النصب (قلت) (ابن حجر): جاء عنه ذلك من غير وجه (قوله من أكثر من وجه يريد به تقويته واثباته) وجاء عنه خلاف ذلك, وقال البخاري قال أبو اليمان كان حريز يتناول من رجل ثم ترك (قلت) فهذا أعدل الاقوال فلعله تاب(!!!) وقال ابن عدي: كان من ثقات الشاميين وإنما وضع منه بغضه لعلي وقال ابن حبان كان داعية إلى مذهبه يجتنب حديثه.قلت (ابن حجر): ليس له عند البخاري سوى حديثيين ... وروى له أصحاب السنن (الاربعة) اهـ.

نقول: هذا الرجل معلوم النصب والعداء والسب واللعن على المنبر لأمير المؤمنين(ع) فقد كان خطيب الشام ويقول على المنبر كما قال ابن حبان: كان يلعن علياً بالغداة سبعين مرة وبالعشي سبعين مرة ويقول قتل آبائي وأجدادي، وفي رواية أنه يقول: لا أحب علياً قتل آبائي. بل يعتبر هذا الرجل من كبار النواصب لانه كان ينسب إليه بعض النواصب ويعرفون به كما قيل عن الجوزجاني الناصبي: كان حريزي المذهب. (انظر تهذيب التهذيب(1/159)، ترجمة الجوزجاني فلا ندري بعد ذلك لمَ التشكيك في نصبه وتبرئه ساحته وهو بهذه الشهرة في ذلك إلا التستر على من وثقه، وروى عنه كالبخاري وأحمد وابن معين، وتبرير وتمرير أخذ الدين عنه وعن النواصب، بل أثبت الازدي بأنه وضع حديثاً في ذم علي(ع) فأين وثاقته المزعومة!!؟ (راجع في ذلك أكثر: الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي وميزان الاعتدال وتهذيب التهذيب وتهذيب الكمال والكامل في الضعفاء وسير أعلام النبلاء للذهبي).

5ـ حصين بن نمير الواسطي أبو محصن الضرير وثقه أبو زرعة وغيره... وقال أبو خيثمة كان يحمل على علي فلم أعد إليه. أخرج له البخاري واصحاب السنن إلا ابن ماجة.

6ـ عبد الله بن سالم الاشعري الحمصي وثقه النسائي والدار قطني وذمه أبو داود من جهة النصب وروى له البخاري حديثاً واحداً في المزارعة وعلق له غيره وروى له أبو داود!! والنسائي.

7ـ عكرمة مولى ابن عباس... فأما أقوال من وهاه فمدارها على ثلاثة أشياء على رميه بالكذب وعلى الطعن فيه بأنه كان يرى رأي الخوارج وعلى القدح فيه بأنه كان يقبل جوائز الامراء فهذه الأوجه الثلاثة: يدور عليها جميع ما طعن فيه الخ.

نقول: وكل واحدة من هذه الثلاثة قاصمة للظهر فكيف اذا اجتمعن!!؟ ويكفيه نصباً بأنه كان ينادي في السوق بأن آية التطهير نزلت في نساء النبي خاصة ويخالف بذلك إجماع الامة وروايات اسباب النزول كافة وغير ذلك من آرائه الشاذة.

8ـ عمران بن حطان السدوسي الشاعر المشهور كان يرى رأي الخوارج وكان عمران داعية الى مذهبه وهو الذي رثى عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي (عليه السلام) بتلك الابيات السائرة... روى له البخاري وأبو داود والنسائي.

9ـ قيس بن أبي حازم البجلي مخضرم أدرك الجاهلية وهاجر الى النبي(ص) فلم يلقه فلقي أبا بكر ومن بعده واحتج به الجماعة ويقال إنه كبر إلى أن خرف وقد بالغ ابن معين فقال: هو أوثق من الزهري وقال يعقوب بن شيبة تكلم أصحابنا فيه فمنهم من رفع قدره وعظمه وجعل الحديث شيبة وتكلم أصحابنا فيه فمنهم من رفع قدره وعظمه وجعل الحديث عنه من أصح الأسانيد، ومنهم من حمل عليه وقال له أحاديث مناكير ومنهم من حمل عليه في مذهبه وأنه كان يحمل على علي. والمعروف عنه أنه كان يقدم عثمان ولذلك كان يجتنب كثير من قدماء الكوفيين الرواية عنه.

10ـ مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية إبن عم عثمان بن عفان يقال له رؤية فإن ثبتت فلا يعرج على من تكلم فيه... وإنما نقموا عليه أنه رمى طلحة يوم الجمل بسهم فقتله ثم شهر السيف في طلب الخلافة حتى جرى ما جرى فأما قتل طلحة فكان متأولا فيه كما قرره الاسماعيلي وغيره وأما ما بعد ذلك فإنما حمل عنه سهل بن سعد وعروة وعلي بن الحسين وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وهؤلاء أخرج البخاري أحاديثهم عنه في صحيحه لما كان أميراً عندهم بالمدينة قبل أن يبدو منه في الخلاف على ابن الزبير مابدا ولله أعلم. وقد اعتمد مالك على حديثة ورأية والباقون سوى مسلم ومروان معروف لا يحتاج الى إثبات بغضه لاهل البيت وخصوصاً علي(ع) فكان يسبه ويلعنه على المنابر ومنع من دفن الامام الحسن(ع) عند رسول الله (ص) ورمى جثمانه الشريف بالسهام كعادته، وقد أكثر البخاري الرواية عنه.

11ـ الوليد بن كثير المخزومي أبو محمد المدني نزيل الكوفة .... عن أبي داود ثقة إلا أنه إباضي.

هذا غيض من فيض ممن روى لهم البخاري وقد صرحوا بأنه ناصبي أو خارجي مع وجود غيرهم في غير البخاري وكذلك فيمن لم يصرحوا بنصبه وهم كثيرون.

 

 

ما هو موقف الشيعة الامامية من الصحيحين البخاري ومسلم وكتب الحديث الاخرى

 

 

الجواب

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

ان لتقييم صحيحي البخاري ومسلم مجالاً واسعاً ويحتاج الى بحث طويل، ولكن نذكر هنا بعض النقاط المسجلة عليهما وتشترك الصحاح الاخرى معها في بعضها:

1ـ ضعف بعض رجال الصحيحين وانهم غير موثقين في علم الرجال.

2ـ العصبية الشديدة التي تحلى بها مؤلفا الكتابين.

3ـ الفترة الزمنية الطويلة الممتدة بين زمن صدور الحديث وتاريخ تدوينه، مع النظر الى دواعي وأسباب الجعل والوضع.

4ـ تقطيع بعض الاحاديث عند البخاري تمشياً لذوقه ورأيه.

5ـ النقل بالمعنى، كما يلاحظ في صحيح البخاري.

6ـ تتميم وتكميل صحيح البخاري بواسطة الآخرين.

7ـ ملاحظة كثرة الاحاديث المخالفة للأدلة العقلية والدينية فيهما.

وللإطلاع على تفاصيل هذه النقاط راجع كتاب (أضواء على الصحيحين) للشيخ محمد صادق النجمي.

مع ملاحظة أن بعض علماء ومحققي أهل السنة يتفقون مع الامامية في هذا الرأي، بل بعضهم طعنوا في شخص البخاري ومسلم، ولكن أنى لاصواتهم أن تصل الى الاسماع تحت هذه الضوضاء المتعمدة!!

ويمكنك مراجعة كتيب (البخاري وصحيحه) للشيخ حسين غيب غلامي الموجود على صفحتنا، وأيضاً يفيدك الرجوع الى (كتاب نظرة عابرة الى الصحاح الستة) لعبد الصمد شاكر.

 

لو كان مافي الصحاح يكفي لاثبات الحجية فلماذا يغفل عنه أهل السنة

كل مولود يولد على ما عليه ...... فلو كنت مولودا من أبوين سنيين لكنت مقتنعا بما يقولوه أهل السنة. ولو أن الصحاح تتضمن إجابات واضحة تدعم المذهب الشيعي فلماذا يغفل عنها أهل السنّة بهذا الشكل الصارخ ؟

 

الجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

ان الكثير من أهل السنة يغفلون عمّا في الصحاح من أحقية الحق لانهم يعتقدون بعدالة الصحابة جميعاً، ولان بعض الصحابة كانوا راضين بأفعال كبرائهم الذين سلبوا الحق عن أهله، فانحرفت الامه بانحراف بعض الصحابة وبقي التابعون واللاحقون والى يومنا هذا على جهلهم لا يكلف أحدهم نفسه بان يعرف بما في الصحاح، وبقي قسم منهم على تعصبه لا تطاوعه نفسه ان يتحول عن الباطل.

كما وان كل أهل الفرق مطلوب منهم البحث عن الحق ومعرفته واتباعه في الوقت الذي يمكن تمييز الحق من الباطل، ولا يبقى الباطل عن تعصبه للآباء حتى لو كانوا جاهلين، يقول تعالى (واذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله قالوا بل نتبع ما الفينا عليه آباءنا اولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون) [البقرة: 170].

 

 

إذا كان كما تزعم أن بعض الصحابة كانوا راضين بأفعال كبرائهم فأنت تتهم أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام قبل غيره من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين سواء رضيت أم لم ترضى فقد رضي الله عنهم . فإتق الله واعلم أن السمع و البصر و الفؤاد كل أولئك ستكون عنهم مسؤولا.

 

الجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذه الكليات أو العمومات التي يحملها البعض في موضوع الصحابة وليدة التخدير الذي مارسه وعاظ السلاطين والجهل بالحقائق ، فليس الصحابة بمعصومين لتكون كل أفعالهم محل القبول والرضا , وليس الصحابة بشياطين لتكون كل أفعالهم محل الذم والقدح , فهناك من آمن وهاجر وجاهد في سبيل الله منهم بأمواله ونفسه , وهناك من كان دون هذه المرتبة , وايضاً كان هناك المنافقون الذين شهد القرآن بوجودهم في المدينة والذين قال عنهم للنبي (صلى الله عليه وآله ) : (( ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم )) (التوبة:101).

وهذا التمايز بين واقع الصحابة لا يمكننا تجاوزه أو اغماض العين عنه وقد جاءت روايات الحوض-بالاضافة للآيات القرآنية الواردة في سورة التوبة - عن واقع الأصحاب وما ستؤول أمورهم إليه حتى أن النبي (صلى الله عليه وآله ) قال فيهم : ( فلا أراه يخلص منهم الا مثل همل النعم) كما في رواية البخاري (ج7/ ص 209/ كتاب الرقاق/ باب في الحوض)..

فلا يحق لنا حمل جميع أفعال الأصحاب من سب بعضهم لبعض، وقتال بعضهم للبعض , وتعطيل بعض الأحكام القرآنية أو النبوية والاجتهاد في مقابل النص , ونجعل كل ذلك فعلاً جميلاً حسناً منهم بلا دليل معتبر أو حجة دامغة سوى استفادات موهومة من عمومات لا ترقى الى واقع الاستدلال العلمي بمكان.

وقولكم ان رضا بعض الأصحاب بفعل كبرائهم دليل على رضا أمير المؤمنين (عليه السلام), بالأولوية لا وجه له , بل اننا نجد خلاف ذلك .

فعلى سبيل المثال نجد أن أمير المؤمنين (عليه السلام) ناهض أصحاب السقيفة ولم يبايع لأبي بكر مدة ستة أشهر - حسب رواية البخاري - ولم يبايع الا مضطرا بعد وفاة السيدة فاطمة (عليها السلام)! فأين هذا الفعل من حقيقة الرضا المدعاة له عن أفعال الأصحاب أو الكبراء كما تقول ؟!..

 

 

هل صحيح ان عمر بن سعد قاتل الامام الحسين (ع) من رجال الاحاديث عند اصحاب الصحاح؟.

 

الجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نعم، قد رووا عنه الكثير في صحاحهم و مسانيدهم , ووثقوه في كتب رجالهم. وهذا من أوضح الدلائل على ابتعاد خط السلف والمذاهب الأخرى عن أهل البيت(عليهم السلام).

وان تعجب فاعجب للبخاري حيث لم يرو أية رواية عن الامام جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام). مع انه طفق الخافقين علماً و فقهاً وحكمة!!

وهذا رسول الله (صلى الله عليه و آله) بين أظهرهم وهو يقول: (اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا).

 

 

ودمتم في رعاية الله

جميع الحقوق محفوظة لمركز الأبحاث العقائدية @ aqaed.com


http://www.alerfan.com/vb/showthread.php?t=55723